جسر: ترجمة:
يتفوق جو بايدن في استطلاعات الرأي، بناء عليه يمكن أن تلحق هزيمة نكراء بدونالد ترامب في الثالث من شهر تشرين الثاني. ولكن لا تزال هناك عدة طرق أمام الرئيس للفوز.
40 يوما تقريبا لا تزال أمامنا حتى موعد الانتخابات الأمريكية. في بعض الولايات الأمريكية بدأ الناخبون بالتصويت. لا زال دونالد ترامب خلف منافسه جو بايدن بشكل واضح في استطلاعات الرأي. الفرق لصالح بايدن كان أكبر من تسع نقاط. ولكن في الاستطلاعات على مستوى الولايات لا زال جو بايدن يحافظ بشكل وسطي على تقدم بست نقاط على ترامب.
هل حُسمت الانتخابات بهذا؟ أم أن ترامب سيعود منتصرا هذه المرة كما فعل في انتخابات عام 2016 أمام هيلاري كلينتون؟
أصبح من المعروف أن من يحصل على غالبية أصوات الناخبين لن يربح الانتخابات بالضرورة. نتذكر أنه حتى يصبح المرشح رئيسا فعليه أن يحصل على أغلبية داخل المجمع الانتخابي عبر تحقيق انتصارات انتخابية في الولايات. المجمع الانتخابي هو من يحدد في النهاية من سيكون رئيس الدولة. الأغلبية في هذا المجمع الانتخابي تبلغ 270 صوت. في عام 2016 نجح ترامب في هزيمة هيلاري كلينتون على الرغم من حصوله على أصوات أقل بعدة ملايين منها.
وهنا بالضبط تصبح المسألة معقدة. أثبت نصر ترامب عام 2016 أنه من الصعب تقدير الأصوات في الولايات. يوميا تُنشر نتائج استطلاعات الرأي أيضا من ولايات ذات دور مهم في الانتخابات.
كثرة الاستطلاعات يمكن أن تصبح مربكة. دائما هناك نتائج غريبة في كلا الاتجاهين، لهذا من المنطقي أن يأخذ المرء بعين الاعتبار متوسطا لكل استطلاعات الرأي الحديثة، على سبيل المثال هناك مواقع انترنت تعطي لمحة عامة عن كل استطلاعات الرأي مثل: Realclearpolitics أو FiveThirtyEight
بشكل عام يمكن القول أن استطلاعات الرأي الوطنية ذات مصداقية أكبر من استطلاعات الرأي على مستوى الولايات. بنفس الوقت يمكن لاستطلاعات الرأي في الولايات أن تبيّن الاتجاهات التي يتطور فيها المزاج السياسي هناك. بعض مؤسسات الاستطلاع أكدت أنها قامت بتحسين أساليبها بعد انتخابات عام 2016. هذا يجعلنا نتفاءل بأن الاستطلاعات من الولايات المنفردة أكثر دقة اليوم عما كانت عليه قبل أربع سنوات.
فريقا الحملة الانتخابية حددا “ولايات مؤكدة” يمكن لكل منهما الافتراض من الآن أنه سيفوز بهما. اذن هناك ولايات مؤكدة نوعا ما أنها ستصوت لأحد الفريقين وولايات أخرى يطلق عليها اسم “ساحة المعركة” وهي الولايات التي يمكن أن ترجح فيها الكفة لأحد الطرفين. تقريبا يمكن القول أن هذا ينطبق على عدة ولايات يتم تركيز الحملة الانتخابية عليها.
بمساعدة استطلاعات الرأي المتوفرة يمكن وضع عدة سيناريوهات لنتيجة الانتخابات في الثالث من شهر تشرين الثاني. ثلاث سيناريوهات منها تبدو جديرة بالاهتمام بشكل أكبر.
السيناريو الأول: الموجة الزرقاء
بعد نجاح دونالد ترمب في انتخابات عام 2016 أصبح معظم الخبراء حذرين في التنبؤ بنتيجة الانتخابات. ولكن ماذا لو كان السباق الرئاسي قد حُسم فعليا من الآن؟ لو كان تقدم جو بايدن على ترامب في استطلاعات الرأي يعكس الوضع الحقيقي على الأرض؟
هذا سيكون السيناريو الحلم للديمقراطيين. يأملون بما يسمى “الموجة الزرقاء” (سُميت بناء على لون الحزب الديمقراطي في الشعارات الانتخابية). لو قمنا بعد الولايات التي يتقدم فيها بايدن بشكل واضح فسوف يحصل على 278 صوتا في المجمع الانتخابي (انظر المخطط البياني، تم تقريب القيم).
في هذا السيناريو سيربح بايدن نفس الولايات التي ضمنتها هيلاري كلينتون عام 2016 ككاليفورنيا ونيويورك والتي تعتبر معاقل للديمقراطيين. بالإضافة لهذا سيستعيد المعاقل القديمة لحزبه والتي ربح فيها دونالد ترامب عام 2016 وهي: بينسلفانيا، ميشيغان وويسكونسن وهي ما يعرف بحزام الصدأ (مصطلح يطلق على المنطقة شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية). ولو أضفنا ولاية أيزونا التي تعتبر ساحة معركة بين الطرفين، فسيحصل بايدن على 289 صوتا من المجمع الانتخابي.
هل هذا واقعي؟ نعم، لو صدقنا استطلاعات الرأي. في كل هذه الولايات يحافظ بايدن على تقدمه على ترامب. في ولايات ميشيغان وويسكونسن يتقدم بايدن بأكثر من خمس نقاط. في بنسلفيانيا وأريزونا يتقدم بايدن بأربع نقاط.
بالإضافة لهذا يمكن إضافة ولايات للموجة الزرقاء يتقدم فيها بايدن بنسبة ضئيلة كفلوريدا ونورث كارولاينا. هنا يتقدم بايدن على ترامب بفارق ضئيل. في نورث كارولاينا يتقدم بايدن مثلا بفارق 1,1 بالمئة فقط. و بالمجمل يمكن لبايدن أن يحقق فوزا ساحقا ب 330 صوت في المجمع الانتخابي.
السيناريو الثاني: نصر لترامب
لا يمكن استبعاد نصر واضح لدونالد ترامب حتى الآن. على سبيل المثال: لأن الكثير من استطلاعات الرأي في الولايات قد تكون خاطئة. أو أن ينجح ترامب في تغيير آراء الناخبين في الولايات المهمة، مثلا عبر ظهور مقنع في المناظرات التلفزيونية مع بايدن.
من الصعب أيضا توقع تأثير وفاة القاضية في المحكمة العليا روث بيدر غينسبورغ والصراع الحالي على شغل مكانها في المحكمة العليا. هل هذا هو مفاجأة تشرين الأول التي ستقلب السباق رأسا على عقب؟ أم سيقع حدث كبير يخلط موازين القوى؟
في حالة سيناريو انتصار ترامب سيربح ترامب الولايات التي ربحها عام 2016 وسيضيف إليها ولايات أخرى. ولايات كنيو هامشير ومينيسوتا يتطلع أنصار ترامب للفوز فيها. تمكنت هيلاري كلينتون في عام 2016 من الفوز بكلا الولايتين بفارق ضئيل للغاية. قسم كبير من الناخبين هناك هم من البيض بلا مؤهل جامعي، وهم أنصار ترامب.
هل يمكن حصول “موجة حمراء”، نعم، لكنها تتطلب الكثير من الحظ. هل فرص حصولها كبيرة؟ على الأرجح لا.
في تحليل له يقول تشارلي كوك، أحد أكثر خبراء استطلاعات الرأي خبرة في واشنطن، أن من يعتقدون بأن ترامب سيحقق نصرا مذهلا مرة أخرى، هم غالبا مخطئون. إحدى أكبر المشاكل بالنسبة لترامب تتمثل في توفر إمكانيات محدودة أمامه لجذب ناخبين جدد من خارج دائرة مؤيديه المخلصين. هذا يظهر بشكل واضح عبر مستوى شعبيته الذي بقي عبر سنوات ثابتا بين 41 الى 43 بالمئة، حتى قبل وقت قصير من الانتخابات.
يضيف كوك: ” نظرته للأمور لن تتغير تبعا للأحداث. الأغلبية الساحقة من الناخبين قررت قبل وقت طويل ما إذا كانت تحبه أم لا. ما إذا كانت تؤيد أفعاله أو إذا ما كانت ستدعم ترشيحه.”
بالإضافة لهذا: تنافس ترامب عام 2016 ضد هيلاري كلينتون التي كانت أقل شعبية بشكل كبير من جو بايدن اليوم. يتفوق الديمقراطي بايدن اليوم عمليا في كل استطلاعات الرأي على ترامب و يحصل على نتائج أفضل من هيلاري كلينتون قبل أربع سنوات. هذا لن يقوي حظوظ ترامب لتحقيق “موجة حمراء”.
السيناريو الثالث: فوز بفارق ضئيل لترامب أو بايدن
هذا السيناريو يبدو حاليا الأكثر منطقية. هنا يمكن الافتراض أن بايدن وترامب سيفوزان ببعض الولايات التي تسمى “ولايات ساحة المعركة”. كلاهما يمكن أن يربح ولايات لم يتوقعها أحد. إنه سيناريو الفوضى.
الرئيس وجماعته مقتنعون أن وضعهم في أماكن كثيرة أفضل مما تصوره استطلاعات الرأي. لا يمكن استبعاد هذا فيما لو تذكرنا مشاكل استطلاعات الرأي عام 2016. ترمب وجماعته يعتبرون أن بإمكانهم الفوز ببنسلفانيا، وفلوريدا أيضا. حتى لو خسروا ميشيغين وويسكونسن فيمكن لترمب أن يربح الانتخابات ضمن شروط معينة.
تتوعد جماعة ترامب بالفوز بولاية نيفادا، المحسوبة حتى الآن على الديمقراطيين. بعض استطلاعات الرأي الجديدة هنا وفي فلوريدا تُظهر خسارة جو بايدن لأصوات بين الناخبين اللاتينو (من أصول لاتينية).
وعلى الطرف الآخر يمكن لبايدن أيضا أن يربح ولايات محسوبة حتى الآن على ترامب. تعتبر ولاية أيوا حاليا هدفا جديدا لجو بايدن، تماما كجورجيا في الجنوب. هناك يسعى الديمقراطيون لتحريك الناخبين السود ضد ترامب.
وبكل الأحوال ستكون النتيجة وفقا لهذا السيناريو متقاربة، يمكن حتى أن تكون جدا متقاربة. على سبيل المثال 268 صوتا مقابل 270. في هذه الحالة يمكن لبعض الممثلين في المجمع الانتخابي أن يرفضوا منح الفائز في ولايتهم أصواتهم أثناء التصويت في المجمع الانتخابي. أيضا نتيجة ك 269 صوتا لكل مرشح ممكنة.
إذا لم ينتخب المجمع الانتخابي أحد المرشحين، فسيقرر مجلس النواب المنتخب حديثا من سيكون الرئيس. ولكن هذا سيحصل وفقا لنظام معقد. لن يتم التصويت وفقا لتوازن القوى داخل المجلس، بل وفقا للأغلبية في مجموعات النواب من الولايات.
كل ولاية من الخمسين ولاية لها صوت واحد. فلو كان لدى ولاية ما، كتكساس مثلا، أعضاء جمهوريون أكثر في مجلس النواب فسيذهب صوت الولاية إلى ترامب مثلا، وهكذا. حاليا يحتفظ الجمهوريون وفقا لهذه القاعد بأغلبية تتمثل ب 26 صوتا. وهذا سيكون الحال غالبا في المجلس القادم. اذن يمكن أن يبقى ترامب رئيسا.
ترجمة فريق INT