جسر: إدلب:
نشرت جسر في وقت سابق تقريرا تحدثت فيه عن الطريقة التي يتم من خلالها الزواج في الفترة الأخيرة في الشمال السوري، ومدى التغييرات التي طرأت على مفاهيم الزواج والنظرة إليه، في ظل ظروف استثنائية فرضتها ظروف الحرب والتهجير القسري.
وبسبب بناء مؤسسة الزواج على أساس لا يتعلق بشروط تكوين الأسرة ونجاحها، لا بد من انعكاس ذلك في نتائجه على هذه المؤسسة التي تعتبر النواة الرئيسية في بناء المجتمع، وبين مخيمات النزوح وبيوت التهجير التي لم يكتمل تشييدها بعد، حيث لا نوافذ ولا أبواب، والبقاء على الحدود من أجل اللحاق بالزوج في تركيا وأوربا ألف حكاية وحكاية، خلفت وراءها عشرات المطلقات.هذه الحكايات التي تحدث يعض أصحابها عنها، بينما البعض الباقي رفض حتى مجرد الخوض فيها.
(غيداء ح) القادمة من ريف حماه لمخيمات أطمة، معلمة لديها طموح في الاعلام ونقل واقع المخيمات، تتعرف على شاب من دمشق يعمل كصحفي يدعي أنه سيكون السند لها في عملها، ثم لايلبث أن يتحول لشخص آخر بعد الزواج، يمنعها من الخروج، ويحصر عملها بالتعليم وفي نهاية الشهر يصادر راتبها.
اصطدمت أحلام غيداء باختلاف العادات والتقاليد، وبأنها لم تكن تعرف عنه معلومات كافية، وقد أصبح بينهما طفل، كل ذلك وضع غيداء وكثيرات في زاوية ضيقة، فإما الاستمرار بزواج جاء سريعا من شخص ظهر فيما بعد أنه ليس الشريك الذي تحلمين به، أو ان تتحولي إلى مطلقة وتعودي للعيش برفقة صغيرك إلى أهلك.
أما (رهف ز) من سراقب التي اضطرت للعيش مع أهل زوجها وإحدى العائلات من أقاربه، لم تطق هذه الحياة العشوائية ضمن بيت لم ينجزْ، لتذهب بعد خلافات كثيرة للعيش في مكان آخر مع أهلها، وتتفاجأ بأن زوجها تزوج قريبته نكاية فيها، وهي ظاهرة باتت منتشرة لفتيات يقبلن الزواج بأي شخص كان يوما ما سقف احلامهن لايتوافق مع الواقع الجديد، رفضت رهف فكرة ان تعود للعيش مع ضرة وبالبيت نفسه الذي لم تكن تتقبل العيش فيه من قبل وطلبت الطلاق.
عدا عن كثيرات تعبن من الانتظار على الحدود للحاق بازواجهن في تركيا واوربا، فهاهي (بشرى ب) الفتاة القادمة من السلمية والتي تزوجت بشاب من ريف ادلب، تطلب الطلاق من زوجها لتعود بعد تسعة اشهر للسلمية للعيش مجددا مع أهلها بصحبة طفليها الذين عرضّتهم للخطر معها بعشرات محاولات التهريب لدخول تركيا، لتترك زوجها الذي ينعم بحياة هانئة في ألمانيا.
لم تكن تلك هي الاسباب الوحيدة (ميساء ) من ريف المعرة التي انتظرت زوجها كثيرا في سجون النظام دون جدوى، واختارت طريق الدراسة والعمل، بعد التهجير من بلدها لم تعد تجد مبررا للانتظار أمام العشرات من طلبات الزواج منها، وبين نظرات الأهل التي تقول إلى متى ستضيعين شبابك فاضطرت للانفصال مجبرة.
إضافة لذلك هناك الكثير من النساء اللواتي دخلن سوق العمل، ووجدن أنهن يقابلن صعوبة الحياة لوحدهن دون مشاركة رجل مستهتر، لايحمل اي مسؤولية مما اضطر بعضهن ك (محاسن ن) القادمة من حلب، ان تطلب الطلاق فهي ليست بحاجة لرجل تعتبره عبء جديد عليها ليأخذ طفلها الكبير ويترك لها الرضيع فقط بقصد ان يحرق قلبها كما تقول.
كثرت حالات الطلاق بعد انتشار ما يسميه البعض بالزيجات العشوائية وغير الطبيعية، ضمن واقع اقتصادي مزري ووعي مجتمعي ضعيف، كل هذا ترك معظم النساء يتخبطن بين قبول واقع صعب ومر وبين ان توسم باسم جديد هو مطلقة.