جسر – دمشق (نهى قنص)
تشهد الأسواق السورية، وخصوصاً في العاصمة دمشق، ازدحاماً كبيراً مع اقتراب عيد الفطر، إلا أن هذه الحركة لا تعكس واقع المبيعات، إذ أن عمليات الشراء شبه معدومة بسبب تدهور القدرة الشرائية لمعظم الأسر، فرغم اكتظاظ الشوارع والمتاجر بالمتسوقين، إلا أن أغلبهم يكتفي بالتجول دون إتمام عمليات شراء، في مشهد يعكس الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد بعد سنوات من الأزمات.
يقول أبو كرم، صاحب متجر لبيع الألبسة في دمشق: “إن حركة التسوق تكاد تكون معدومة، فهي في الوقت الراهن مقتصرة على ملابس وأحذية الأطفال فقط، رغم ضعفها مقارنة مع الأعوام السابقة”، ويأمل أن تقوم الحكومة بصرف رواتب الموظفين، علّ الأسواق تتحرك من جديد.
حال أبو كرم اختصر الكثير من وضع الأسواق السورية هذه الأيام، فبالرغم من الازدحام المتزايد، إلا أن الأسواق تشهد ضعفاً في الإقبال على الشراء بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يواجهها السوريون، كما أوضح أن “الازدحام الذي تشهده الأسواق هو للفرجة فقط، وباتت ملامح التحضيرات للعيد باهتة وحزينة”.
انعدام القدرة الشرائية
خلال جولة لـ”جسر” في بعض أسواق دمشق، رُصدت حركة خجولة، حيث كان الإقبال على الشراء ضعيفاً جداً.
تقول إحدى السيدات: “نزلت أنا وبناتي عالسوق نتفرج.. نتمشى.. ونغير جو.. صح ما رح نشتري شي بس شوفة هالعجقة قبل العيد بتفرح”.
أما أبو المجد، صاحب متجر للألبسة، فله رأي آخر، إذ يقول: “مع أنه أعلنا عن تخفيضات حقيقية على الألبسة، إلا أن بعض الناس تؤجل شراء الملابس إلى بعد العيد رغبةً في تنزيلات أكبر”، فاليوم، بات شراء بنطلون وحذاء يحتاج إلى ميزانية كبيرة وحسابات جديدة، إن لم يضطر الأمر إلى الاستدانة، وهذه حال أغلب السوريين اليوم مع تدهور قدرتهم الشرائية.
الخبير الاقتصادي محمد قضماني أكد أن هذا المشهد للأسواق السورية يعكس حقيقة الوضع المعيشي الذي تعيشه الأغلبية العظمى من الأسر السورية، موضحاً أنه “بعد شهر الصيام وتكاليفه الباهظة، وجد السوريون أنفسهم في مأزق مالي أكبر سببه تكاليف العيد التي باتت خيالية، مما جعل الفرحة بعيدة المنال وأدى إلى ركود غير مسبوق في الأسواق”.
وأضاف أن “الحل يكمن في صرف رواتب الموظفين، إضافة إلى تدخل حكومي عبر مؤسسات التدخل الإيجابي من خلال منتجات بأسعار منافسة تناسب شريحة كبيرة من الأسر”.
منحة خجولة لا تحرك الأسواق
وعن المنحة التي تم صرفها للموظفين في القطاع الحكومي، قال قضماني: “بالرغم من أن الرئيس السوري أحمد الشرع أصدر قراراً بصرف راتب شهر إضافي للعاملين في القطاع العام بمناسبة عيد الفطر، إلا أن أثر هذه المنحة على الأسواق لا يمكن أن يتجاوز 20 إلى 25% من إجمالي الحركة التجارية، وهي نسبة خجولة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد”.
حلويات العيد ليست بالمتناول
الركود المخيم على محال الألبسة الجاهزة والأحذية ينطبق أيضاً على محال الحلويات، ويؤكد أبو أحمد، صاحب متجر للحلويات العربية: “حركة السوق سيئة، لأسباب كثيرة، أولها عدم وجود سيولة نقدية لدى الناس، وثانيها انعكاسات وارتدادات الوضع السياسي غير المستقر في البلاد”.
من جهتها، تقول أم حسن، وهي أم لثلاثة أطفال اعتادت صنع حلويات العيد في المنزل: “لم أستطع تأمين سوى بعض الاحتياجات الرئيسية للمنزل من مستلزمات غذائية ومنزلية، لأن راتب زوجي لا يكفي لتغطية متطلبات الأسرة. فإذا قررت عمل 2 كيلو من المعمول، فهو يحتاج إلى راتب شهر كامل”.
وبحرقة، ترفع أم حسن يدها مودعة وتقول: “حلويات العيد هالسنة طعمها مو حلو أبداً”.
هذه حال أسواق العاصمة دمشق، التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً في القدرة الشرائية، مقابل حركة متزايدة في الأسعار، وخصوصاً في المواد الغذائية والحلويات، التي باتت بمنزلة الحلم بالنسبة لشريحة واسعة من السوريين.