الواقع المعيشي في سوريا.. زيادة الرواتب بمواجهة التضخم والفقر

شارك

جسر – نهى قنص

مرحلة جديدة بانتظار السوريين تترافق مع تطلعاتهم بآمال ومستقبلٍ أفضل، وذلك في ظل واقع سياسي مضطرب ووضع اقتصادي متدهور، حيث تبرز العديد من القضايا التي تمس حياة الناس بشكل مباشر، بدءاً من الأجور المتدنية وعدم قدرتها الفعلية على تأمين احتياجات المواطنين من سلع وخدمات.

انخفاض القدرة الشرائية

في سوريا، يجري الحديث دائماً عن انخفاض مستمر في القدرة الشرائية، فعلى الرغم من أن التغير الذي يطرأ على أسعار الصرف محدود أو بطيء، إلا أن وتيرة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين تسير بشكل أسرع بكثير.

الخبراء يقدرون أن سعر الصرف العادل الذي يعبّر بالفعل عن القدرة الشرائية لليرة السورية يساوي ضعف سعر الصرف الحالي على الأقل.

الخبير المالي محمد وطفة يوضح في حديثه لـ”جسر” أن القدرة الشرائية هي مصطلح يُستخدم للتعبير عن حجم الاقتصاد الوطني ومدى قدرة الأفراد على التكيف مع مؤشراته.

ويبيّن أنه “عندما تكون القدرة الشرائية للعملة الوطنية مرتفعة، يعني أنّ المواطنين، يعيشون في بحبوحة اقتصادية، ولكن عندما تنخفض هذه القدرة الشرائية فهذا يعني أنّ ثمة أزمة اقتصادية على الأبواب”.

وأردف أن “ضعف القدرة الشرائية يعود بالأصل إلى سببين: الأول سبب محلي مستمر، وهو انخفاض مستوى الدخل العام للمواطنين، والثاني خارجي وهو الأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار سلع أساسية عالمياً”.

رواتب السوريين هي الأدنى في العالم

بحسب بيانات المؤسسات الدولية المختصة، ومنها البنك الدولي، فإن متوسط الأجور في سوريا لا يتعدى 20 دولاراً شهرياً، ويغطي فقط 7% من تكلفة الحصة الغذائية الشهرية للمواد الأساسية، وأغلب السوريين يعيشون في فقر مدقع وقدرة شرائية متهالكة.

أم سهيل وهي موظفة حكومية تقول: “الراتب كله على بعضه 300 ألف ليرة، وما بكفي إلا 3 أو 4 أيام. وأنا مو قادرة أعيل عائلتي أو أساعدهم بأي مدخول”.

وتتساءل أم سهيل: “هل يمكن اعتبار هذا المبلغ كافياً لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن السوري؟”.

الليرة السورية تفقد قدرتها الشرائية

الخبير المالي محمد وطفة يوضح أن “القوة الشرائية للنقود غالباً ما تنخفض في ظل استخدام العملة النقدية الورقية عند قيام الدولة بطباعة المزيد منها وإنفاقها على مجالات غير استهلاكية”، وأضاف أن “سعر صرف الليرة السورية كان في السابق يعبر نسبياً عن أداء الاقتصاد وصحته”.

يتابع بالقول: “إجراءات الحكومة القمعية تجاه الأسواق والصرافين، ومحاولات احتكار سوق الحوالات، وفرض أسعار خاصة للدولار، والحملات الأمنية والتهديدات، كل هذه العوامل أفقدت مؤشر سعر الصرف قدرته على التعبير عن صحة الاقتصاد، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية بسرعة تفوق انخفاض سعر صرف الليرة”.

زيادة 400% في الرواتب

في تصريحات سابقة، قال وزير المالية السوري محمد أبازيد إن الحكومة ستزيد رواتب العديد من موظفي القطاع العام بنسبة 400% الشهر المقبل، بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.

هناء الأحمد، موظفة في المصرف العقاري، تقول: “أنا سعيدة بهذه الزيادة لأنها جاءت في وقتها. فالراتب غير كافٍ لتغطية الاحتياجات الأساسية.”

طارق، موظف حكومي، يقول إن “الزيادة مهما بلغ قدرها ستكون أفضل من الوضع السابق، لكنها لن تكون كافية لتغطية الاحتياجات ما لم تنخفض الأسعار بشكل أكبر، خاصة الخبز والغاز”.

لا جدال بأن أي زيادة تُضاف إلى دخل العاملين في سوريا تُعد خطوة إيجابية، شريطة أن تحتفظ هذه الزيادة بقيمتها الحقيقية، فالزيادة النقدية وحدها لا تعني شيئاً إذا أدت إلى تضخم مفرط يلتهم القوة الشرائية للمواطنين، ويجعل من الأموال الإضافية عبئاً جديداً بدلاً من أن تكون حلاً.

شارك