البضائع الأجنبية تغزو الأسواق بعد سقوط النظام.. ما مصير البضائع الوطنية؟

شارك

جسر – دمشق (هبة الشوباش)

تسعى الحكومة الجديدة التي تشكلت بعد سقوط نظام الأسد إلى إعادة بناء اقتصاد السوق الحرة في سوريا، بعد أن غزت البضائع الأجنبية الأسواق بأسعار تنافس البضائع المحلية. وكان وجود هذه البضائع سابقاً يقتصر على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام المخلوع. وهنا يطرح سؤال مهم: هل البضائع الأجنبية أرخص وأفضل جودة من البضائع المحلية؟ وما تأثير وجود هذه البضائع على الاقتصاد والإنتاج المحلي؟

ارتفاع التكاليف المحلية والتحدي التركي

يرى الخبير الاقتصادي جورج خزام، في حديثه لصحيفة “جسر”، أن البضائع التركية ليست رخيصة، وإنما البضائع الوطنية هي التي تبدو غالية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وأكد خزام أن “البضائع الوطنية ليست منخفضة الجودة، حيث يتم تصنيعها بنخب أول وثان وثالث لتناسب مختلف مستويات الدخل”، مضيفاً أنه “عندما تنخفض التكاليف مع وصول المواد الأولية الرخيصة المستوردة بأسعار قريبة من تكاليفها في تركيا، فإن البضائع الوطنية ستكون بالجودة الأعلى والسعر الأقل، دون استثناء”.

البضائع الأجنبية كحافز تنافسي

من جهته، صرح سمير كوسان، عضو إدارة غرفة تجارة حلب، أن “وجود البضائع الأجنبية في الأسواق لا يمثل مشكلة كبيرة حالياً، بل يشكل حافزاً للمنتجين المحليين لتحسين جودة منتجاتهم وتعزيز قدرتهم التنافسية”.

وأوضح كوسان لـ”جسر”، أن “هذه البضائع دخلت الأسواق السورية عبر محافظة إدلب، التي تتمتع بحرية استيراد واسعة في ظل غياب القيود التي كانت مفروضة في باقي المناطق السورية”، مشيراً إلى “ضرورة إصدار قوانين جديدة مع بداية هذا العام تمكن الصناعيين والتجار والحرفيين من العمل دون قيود ظالمة”.

كما دعا كوسان الصناعيين المحليين إلى “تخفيض هوامش أرباحهم بنسبة 20% على الأقل خلال الفترة الحالية، لضمان بقائهم في السوق”، مؤكداً أن “الخسارة البسيطة والمؤقتة أفضل من الخسارة الدائمة”، حسب رأيه.

تداعيات سلبية على العمالة المحلية

على الجانب الآخر، يعاني العديد من الصناعيين والعاملين في قطاع التوزيع من تداعيات المنافسة مع البضائع الأجنبية. فادي (و)، أحد وكلاء العلامات التجارية في طرطوس، قال إنه اضطر إلى تقليص عدد العمال بسبب الانتشار الواسع للبضائع الأجنبية، وأشار إلى أن سيارات التوزيع الخاصة به توقفت عن العمل، مؤكداً أن المواطن يفضل المنتجات الأجنبية لأنها أرخص سعراً، مثل السردين الذي يباع بـ7500 ليرة للأجنبي مقابل 13000 ليرة للوطني.

أما “ح.ج”، مندوب إحدى شركات التوزيع، فقد ناشد الجهات المعنية وضع ضوابط لدخول البضائع الأجنبية التي أثرت بشكل كبير على العمالة المحلية. وأوضح قائلاً: “أنا الآن بلا عمل، والبطالة ازدادت بنسبة 50%، كما أن أصحاب الشركات أوقفوا أعمالهم بسبب هذه المنافسة”.

معاناة المواطن وارتفاع الأسعار

وفي استطلاع أجرته الصحيفة، عبر أحد المتسوقين عن استيائه من عدم قدرته على شراء المنتجات، سواء الأجنبية أو المحلية، قائلاً: “لا طايلين السماء ولا طايلين الأرض”، مؤكداً أن ما يهمه ليس مصدر المنتجات، بل أن تكون بأسعار مناسبة يستطيع تحملها، مشيراً إلى أن النظام المخلوع عمل على تجويع الشعب وجعل همهم الوحيد تأمين لقمة العيش اليومية.

وأشار المتسوق إلى أن النظام السابق حارب المواطنين بلقمة عيشهم، بينما جمع الأتاوات من التجار والصناعيين، ومع سقوط النظام، أصبحت آمال الشعب معقودة على الحكومة الجديدة وقراراتها، التي بدأت تلامس هموم المواطنين الحقيقية وتعد بمرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي.

شارك