بعد سقوط “الأسد”.. الليرة السورية تبدأ باستعادة مكانتها تدريجياً

شارك

جسر – دمشق (عبد الله الحمد)

منذ عام 2011، شهدت الليرة السورية انهيارات كبيرة أمام الدولار الأمريكي نتيجة السياسات الخاطئة واللا مسؤولة التي اتبعتها الحكومات المتتالية في نظام الأسد البائد. إضافة إلى سلسلة المراسيم والقوانين التي أصدرها المخلوع بشار الأسد خلال 13 سنة، كان غياب الكفاءات الاقتصادية الحقيقية والخبرات المهنية في صفوف الفريق الاقتصادي سبباً أساسياً في هذا الانهيار، فضلاً عن القوانين والعقوبات التي فرضتها الدول الكبرى على سوريا نتيجة الجرائم والتجاوزات التي ارتكبها النظام السابق.

خلال عملية ردع العدوان العسكرية التي أطلقتها قوات الثورة السورية، وأسقطت في أولى محطاتها حلب من يد النظام (وهي العاصمة الصناعية في سوريا)، تجاوز سعر الصرف 35 ألف ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد.

ومع سقوط نظام الأسد يوم الثامن من كانون الأول 2024 واستلام حكومة تصريف الأعمال مقاليد السلطة في دمشق، شهدت الليرة السورية ارتفاعًا ملحوظًا في قيمتها أمام الدولار الأميركي. وفي أقل من شهر، ثبت مصرف سوريا المركزي قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي ليصبح السعر الوسطي 13,000 ليرة للدولار الواحد. جاء هذا التحسن بالتزامن مع إعلان الحكومة الجديدة أن ملفها الأهم هو النهوض بواقع الاقتصاد السوري والعمل على جذب الاستثمار إلى سوريا في شتى القطاعات.

الخبيرة الاقتصادية كوثر صالح أوضحت أن “ثبات سعر الصرف مرهون بعدة أمور، على رأسها زيادة حجم الصادرات المرتبط بزيادة الإنتاج، ما يعود بالعملة الصعبة على البلد ويحقق توازناً في المعروض بين العملة المحلية والعملات الأجنبية”.

وأضافت في حديثها لصحيفة “جسر” أن “هذا التحسن الجزئي في سعر الليرة السورية ليس حقيقياً في ظل الصعوبات والتحديات الكبيرة التي عانى منها الاقتصاد السوري لعدة سنوات”، مؤكدة أن “الاستقرار في سعر الصرف يقترن بالاستقرار السياسي والاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد”.

من جانبه، أبدى الباحث السياسي عبده زمام تفاؤله بالمرحلة الاقتصادية الحالية، مستنداً إلى التحركات السياسية العربية والإقليمية والدولية النشطة باتجاه دمشق وقيادتها الجديدة، وأشار إلى أن “هذه التحركات ترسل إشارات إيجابية للدول الأخرى برغبة سوريا في فتح صفحات مشرقة مع الجميع وإقامة علاقات سياسية متوازنة، ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد”.

أما الصحفي المتخصص في شؤون الاقتصاد، همام طبلية، رأى أن “التحسن في سعر الصرف جاء بالتوازي مع عودة العديد من السوريين المهجرين والمغتربين بعد سقوط نظام الأسد إلى سوريا، إضافة إلى إلغاء العمل بمراسيم وقوانين منع تداول العملات الأجنبية، كما ترافق ذلك مع تصريحات حكومة الإنقاذ بأولوية النهوض بالواقع الاقتصادي وتهيئة بيئة استثمارية قادرة على جذب الشركات العالمية الكبرى”.

في السياق نفسه، صرح (م. ن)، وهو مالك محل وورشة لتصنيع الذهب بريف دمشق، لصحيفة “جسر”، أن سعر صرف الليرة يتحسن بصورة تدريجية وأن أسعار الذهب مستقرة إلى حد ما، وأضاف باستغراب: “عند حدوث انهيارات سياسية في السلطة في أي بلد بالعالم، تنهار العملة. لكن في سوريا الوضع لم يكن كذلك”.

وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، باسل عبد الحنان، أعلن مؤخراً عن خطة لإنقاذ الليرة من الانهيار وتثبيت سعر الصرف لتحقيق استقرار الأسواق وتحريك عجلة التبادل التجاري، وأكد أن هناك خطوات تهدف إلى رفع قيمة الليرة، إلا أن الواقع الحالي يتطلب جهوداً حكومية كبيرة بالإضافة إلى تضافر جميع الجهود في البلاد.

شارك