رسوم جمركية جديدة في سوريا.. تنظيم التجارة أم عبء إضافي؟

شارك

جسر – هبة شوباش

في اليوم الثالث من انتصار الثورة، عمّت الفرحة بين المواطنين في سوريا بإلغاء التعرفة الجمركية على الهواتف المحمولة، فقد كان العديد من المواطنين قد تخلوا عن هواتفهم بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها النظام البائد، والذي كان يعتمد سياسات ضغط كبيرة على الشعب، متجاهلاً حاجته إلى الانفتاح والتقدم، لكن هذه الفرحة لم تكتمل؛ إذ سرعان ما انتشرت شائعات عن إعادة فرض التعرفة الجمركية، وهو ما حدث فعلاً، ففي 11-1-2025 صدر قانون التعرفة الجمركية الجديد الذي حدد الرسوم الجمركية للبضائع والمنتجات.

وأثار القرار الجديد استياء كبيراً في مناطق شمال غربي سوريا، حيث لم يعتد السكان على مثل هذه القرارات. كانت الرسوم الجمركية قبل انتصار الثورة شبه معدومة وتقتصر على أجور نقل بسيطة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار البضائع في إدلب وسرمدا بنسبة تقارب 10%.

ووفقاً لمصادر صحيفة “جسر”، فإن شركات سرمدا التجارية أعلنت الإغلاق حتى إشعار آخر بسبب ارتفاع التعرفة الجمركية، أما في مناطق سيطرة النظام السابق، فقد اعتاد المواطنون على مثل هذه الرسوم، لكن الانخفاض الكبير في قيمتها مقارنة بالسابق خفف من وقع القرار عليهم.

دراسة التعرفة الجمركية الجديدة

السيد إياد النجار، مسؤول العلاقات في وزارة الاقتصاد، أوضح أن الوزارة شكلت لجنة مشتركة تضم وزارة الاقتصاد والهيئة العامة للجمارك وغرف الصناعة والتجارة لدراسة التعرفة الجمركية الجديدة بما يتناسب مع الواقع السوري.

وأكد النجار وجود تضاربات في الرسوم بين البضائع المستوردة من مناطق النظام السابق وتلك المستوردة عبر المعابر الحدودية في إدلب، حيث وصل الفارق إلى 25 ضعفاً في بعض الحالات.

وأشار إلى أن هذه الدراسة تمت في وقت قياسي لا يتجاوز عشرة أيام بدلاً من شهرين، ما قد يكون أدى إلى بعض الأخطاء، لكن الوزارة مستعدة لتعديل أي تعرفة جمركية إذا ثبت أنها غير مناسبة.

فوائد التعرفة الجمركية الجديدة

بحسب النجار، تهدف التعرفة الجمركية الجديدة إلى حماية الصناعة المحلية وتخفيف العبء عن التجار والمستهلكين، كما أنها ساعدت في تسهيل إدخال البضائع العالقة في الموانئ السورية، مثل طرطوس واللاذقية والمعابر الأردنية واللبنانية.

مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، أشار إلى أن نشرة الرسوم الجمركية الموحدة خفضت الرسوم بنسبة تتراوح بين 50% و60% مقارنة بما كان معمولًا به سابقاً، وأضاف أن “هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز جذب الاستثمار ودعم القطاعين الصناعي والزراعي، مع تحسين مستوى المعيشة للمواطن السوري”.

آراء متباينة حول القرار

لاقى قرار التعرفة الجمركية الجديد ردود فعل متباينة، فبينما رحب مؤيدون به كخطوة لتنظيم التجارة ودعم الإنتاج المحلي، اعتبره منتقدون عبئاً إضافياً على المواطنين، خاصة في المناطق التي لم تكن تعتمد رسوماً جمركية سابقاً، مثل ريف حلب الشمالي وإدلب.

الخبير الاقتصادي الدكتور أنس جمول أكد أن “تطبيق سياسة جديدة للتعرفة الجمركية يؤدي إلى اضطرابات في السوق، خاصة في ظل مرحلة التحول الاقتصادي الجذري التي تمر بها سوريا”، وشدد على “ضرورة التريث قبل اتخاذ مثل هذه الخطوات لتجنب تأثيرها السلبي على المستهلكين والتجار”.

الإعلامي الاقتصادي مالك سحماني أشار إلى أن “الاعتماد على الرسوم الجمركية كمصدر دخل للحكومة يمكن أن يساهم في تمويل الخدمات العامة والبنية التحتية”، لافتاً أن “المناطق المحررة التي لم تكن تعتمد نظام رسوم جمركية تواجه صعوبة في التأقلم مع مثل هذه الإجراءات”.

أثار قرار التعرفة الجمركية الجديد جدلاً واسعاً في سوريا، لكن المؤكد أن عائداته ستساعد في تعزيز الصناعة المحلية وتشجيع المنشآت الوطنية على زيادة إنتاجها، مما يسهم في استبدال الموارد المستوردة بموارد وطنية.

شارك