فرص وتحديات الاستثمار في سوريا بعد حقبة “الأسد”

شارك

جسر – نهى قنص

مع التغيير السياسي الذي حصل في سوريا، تتوجه الأنظار نحو فرص الاستثمار في هذا البلد الذي يعتبر نقطة انطلاق جديدة للمستثمرين لاستكشاف الفرص والتحديات. اليوم، الباب مفتوح للاستثمار في جميع المرافق الحيوية من مطارات وموانئ وسكك حديدية، فجميعها إما متوقفة أو مترهلة أو قديمة وتحتاج إلى عمل استثماري ضخم وسريع لإنعاش هذه المرافق، وإلى جانب ذلك، تعتبر إعادة الإعمار والتطوير العقاري من أبرز أولويات المرحلة.

تكلفة إعادة الإعمار ودور الاستقرار

مع استقرار الأمن مدنياً وسياسياً، يتوقع محللون أن يسهم هذا الاستقرار في جذب المستثمرين الدوليين والمحليين، وتشير التقديرات إلى أن تكلفة إعادة إعمار البلاد تصل إلى حوالي 300 مليار دولار، ما يجعل الدعم الدولي والإقليمي أمراً بالغ الأهمية، وفقاً لتقرير شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز”.

وبعد 14 عاماً من الحرب، عانت سوريا تحديات اقتصادية ومالية هائلة. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، تراجع الاقتصاد السوري في العام 2023 إلى المركز 129 في تصنيف الدول، حيث خسر 85% من قيمته ليصل إلى 9 مليارات دولار فقط.

سنوات الحرب الطويلة، والعقوبات الدولية، وهجرة 4.82 مليون شخص، جعلت من سوريا أحد أفقر البلدان في الشرق الأوسط، وفقاً لتقارير عدة.

الاستثمار.. أولوية الحكومة

الإدارة الجديدة للحكومة السورية اليوم بصدد تقديم دراسات موسعة عن المرافق التي تحتاج إلى استثمارات، وفتح المجال أمام الجميع. كما تتجه إلى تحرير السوق وتطبيق مفهوم السوق الحرة، ما يتيح المجال للتجار والصناعيين على اختلاف طبقاتهم الاقتصادية سواء في الاستيراد أو التصدير أو الإنتاج.

وأكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، بعد اجتماع مع وزير الخارجية أسعد الشيباني ونظيره القطري محمد الخليفي، أن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في قطاعات الطاقة.

رجل الأعمال المغترب أيهم الصالح أشار إلى العلاقة القوية التي تربط قطر مع دمشق، موضحاً إمكانية تسخير قوة العلاقة السياسية لدعم الاقتصاد السوري الجديد.

من جهة أخرى، أكد التاجر محمود الزين أن غرفة تجارة حلب استقبلت وفداً من جمعية رجال أعمال من تركيا، في أول زيارة منذ 13 عاماً، لبحث سبل التعاون الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري.

الصناعي محمد خزعل (صاحب مصنع في ريف دمشق) قال إن “سوريا أصبحت أرضاً خصبة للاستثمارات الخارجية”، لكنه شدد على أهمية توفير الطاقة بأسعار منخفضة، ودعم الاستثمار المحلي، وتحسين البنية التحتية.

رغم ذلك، تبقى عقبات كبرى مثل الفساد، الذي ترسخ في النظام السابق، عقبة رئيسة أمام التوزيع العادل للموارد والاستثمار.

فرص استثمارية كبيرة

تتمتع سوريا الجديدة بإمكانات كبيرة في قطاعات الزراعة، الصناعة، التكنولوجيا، والسياحة. ويعد تحديث البنية التحتية وتطوير القطاعات الاقتصادية الحيوية من الأولويات لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، كما يمثل التعاون بين القطاعين العام والخاص وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار أساساً لتحفيز النمو الاقتصادي.

وأشارت تقارير اقتصادية إلى أن قطاع الطاقة يعد من أبرز الفرص المتاحة، حيث تمتلك سوريا احتياطات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، التي يمكن استغلالها في الاستثمار وإعادة البناء. ورغم التنافس على حقول النفط، فإن التعاون بين الأطراف المعنية قد يسهم في استعادة إنتاج الطاقة وتحقيق عوائد مالية، كما يُعتبر الاستثمار في المطارات أولوية لإنشاء جسر جوي مع دول العالم، بالإضافة إلى إنشاء مطارات جديدة.

ويعتبر القطاع الزراعي أيضاً من القطاعات الواعدة للاستثمار، لكنه يواجه تحديات مثل تأمين المستلزمات الضرورية كالأسمدة واليد العاملة، ما ينعكس على الأمن الغذائي في سوريا.

الطريق إلى تعافي الاقتصاد في سوريا طويل، ويواجه العديد من التحديات، إذ يبقى الفساد، الذي ترسخ في نظام الأسد المجرم، عقبة رئيسة أمام التوزيع العادل للموارد، ويتفق أغلب رجال الأعمال على أن الوضع الآن بحاجة إلى تضافر الجهود والعمل بيد واحدة لحماية الاستثمارات الحالية والبدء باستثمارات جديدة.

شارك