جسر – دير الزور (خاص)
كشفت مصادر عشائرية في ريف دير الزور الشرقي لصحيفة “جسر” عن تحركات سرية لخلايا تابعة للميليشيات الإيرانية التي ما زالت تتخفى في المنطقة. تستخدم هذه الخلايا هويات ووثائق سفر سورية أصلية حصلت عليها خلال فترة السيطرة الإيرانية على المنطقة، وتخطط لشن عمليات عسكرية وأمنية تهدف إلى ضرب الاستقرار في المنطقة.
تفاصيل الاجتماع والأهداف
أفادت المصادر بأن اجتماعاً واحداً على الأقل عُقد مؤخراً في موقع سري تحت الأرض بالقرب من منطقة “عين علي”، الواقعة على تخوم بلدة القورية، وشارك فيه عملاء سابقون من أبناء عشائر المنطقة.
وبحسب المصادر، كان الاجتماع مخصصاً للتخطيط لعمليات باتجاهين رئيسيين هما:
– استهداف القوى العسكرية: تشمل هذه العمليات الهجوم على دوريات وعناصر القيادة العسكرية المسيطرة على المنطقة، في محاولة لتمزيقها وزعزعة السيطرة الأمنية وإظهار ضعف الهيئات الإدارية الجديدة.
– إشعال النزاعات القبلية: تعمل الخلايا الإيرانية على تحريض القبائل التي لديها نزاعات وثارات سابقة، وتصعيد هذه النزاعات عبر استهداف أفراد من كلا الطرفين، بهدف تأجيج الفوضى العشائرية إلى درجة يصعب على السلطات المحلية السيطرة عليها.
التكتيكات المستخدمة
أبلغ قادة الميليشيات الإيرانية عملاءهم المحليين خلال الاجتماع بأن العمل في الظروف الراهنة سيعتمد على توفير الأسلحة والأموال من طرف قادة الميليشيات. وخلال الاجتماع، تم تسليم خطط العمليات إلى العملاء المشاركين، مع تزويدهم بالأسلحة والأموال اللازمة لتنفيذ المهام.
كما طُلب منهم إعادة تفعيل شبكات العملاء القديمة والارتباط بالعناصر المحلية الأكثر ولاءً التي عملت سابقاً مع الميليشيات الإيرانية، سواء في الجانب العسكري أو المدني، وإسناد مهام جديدة تتناسب مع الظروف الحالية.
البنية التحتية للميليشيات
أكدت مصادر صحيفة “جسر” وجود قادة بارزين من الميليشيات الإيرانية ما زالوا متخفين في المنطقة، بعضهم في المناطق السكنية حيث يساعدهم عملاء محليون، وبعضهم في مقرات سرية تحت الأرض في الصحراء، يتنقلون منها وإليها بسرية تامة.
وأضافت المصادر أن هؤلاء القادة يمتلكون مستودعات أسلحة وذخائر موزعة في نقاط سرية بريف دير الزور ومنطقة البادية، مما يمنحهم القدرة على تنفيذ عمليات مباغتة وسريعة، كما أنهم يحتفظون بكميات كبيرة من وثائق السفر والهويات السورية التي حصلوا عليها خلال فترة سيطرتهم على المنطقة، مما يجعل تعقبهم أمراً في غاية الصعوبة، خاصة مع معرفتهم الدقيقة بجغرافية المنطقة التي عاشوا فيها لسنوات.
الأهداف الاستراتيجية للميليشيات
تسعى الميليشيات الإيرانية إلى إحداث حالة من الفوضى وزعزعة الاستقرار لتحقيق عدة أهداف رئيسية، منها: تعزيز التناحر الاجتماعي بين القبائل، مما يسهل تنفيذ عمليات أخرى، والتمهيد لإحياء مشروعها الإقليمي الذي يمتد من سوريا إلى لبنان والأردن وصولًا إلى البحر المتوسط، إضافة إلى الانتقام من الهزيمة القاسية التي مُنيت بها الميليشيات في سوريا ومحاولة استعادة سطوتها ومصداقيتها.
ظروف مواتية للنشاط التخريبي الإيراني
فرضت الأوضاع الجديدة حالة من الفراغ الأمني النسبي؛ فالسلطات الحالية لم تُظهر حتى الآن نية واضحة لمتابعة ملف الخلايا الإيرانية أو ملاحقتها، مما يتيح لها حرية الحركة. كما أن توفر الأسلحة بكميات كبيرة يوفر بيئة خصبة لنشاط هذه الخلايا.
يُضاف إلى ذلك تراكمات أكثر من عشر سنوات من الانفلات الأمني، التي خلّفت مشاكل وحساسيات بين أبناء القبائل لم تُحسم لا بالطرق القانونية، بسبب غياب الدولة، ولا بالطرق العشائرية، بسبب تمزق القبائل وتوزعها في مناطق نفوذ متفرقة. كل هذا أدى إلى تصدعات في المجتمع العشائري المحلي، تسمح للخلايا الإيرانية بالتغلغل وتنفيذ مخططاتها لضرب العشائر بعضها ببعض.
على من تقع مسؤولية مواجهة الخطط الإيرانية؟
تقع على عاتق السلطات الجديدة مهمة اتخاذ إجراءات صارمة لتعقب الخلايا الإيرانية، وتفكيك مستودعات الأسلحة، ومنع تنفيذ مخططاتها التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة.
كما يتوجب على شيوخ العشائر وزعمائها رفع مستوى الوعي بمخاطر الانجرار وراء دعوات الثأر والاقتتال، والتدقيق في مصادر هذه الدعوات التي تسعى إلى استغلال النزاعات العشائرية لتحقيق أجندات خارجية.
إلى جانب ذلك، تلعب منظمات المجتمع المدني دوراً رئيسياً في التوسط لحل النزاعات القبلية، وعقد المصالحات، وإشاعة حالة من السلم المجتمعي، لقطع الطريق أمام الجهات التي تسعى إلى نشر الفوضى.
خطوات استباقية
في ظل الظروف الحالية، بات من الضروري اتخاذ خطوات استباقية لمنع الميليشيات الإيرانية من استغلال حالة عدم الاستقرار في شرق سوريا.
إن مواجهة هذا الخطر تتطلب تعاوناً بين السلطات المحلية، والقيادات العشائرية، ووسائل الإعلام، والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنظمات المجتمع المدني، لمنع تنفيذ هذه المخططات التي تشكل تهديداً كبيراً لمستقبل المنطقة.