جسر – ريف دمشق (هبة شوباش)
تُعد جديدة عرطوز إحدى بلدات ريف دمشق التي تعاني من مشكلات خدمية متراكمة أثقلت كاهل سكانها، فعلى الرغم من موقعها القريب من العاصمة، إلا أن أزمات المياه والكهرباء والصرف الصحي ما زالت قائمة، مما جعل الحياة اليومية أكثر صعوبة، خصوصاً مع ازدياد عدد الوافدين إلى البلدة في السنوات الأخيرة.
تقع جديدة عرطوز في منطقة قطنا ضمن ريف دمشق، على بعد 17 كم غرب دمشق، وتتميز بتنوع سكانها من مختلف المكونات السورية. تمتد البلدة على مساحة 30 كم²، ويبلغ عدد سكانها الأصليين 12,000 نسمة، بينما ارتفع العدد بشكل كبير مع الوافدين ليصل إلى 53,000 نسمة.
ورغم توفر العديد من المرافق العامة مثل الفرن الآلي والمستوصف والمصرف التجاري والمركز الثقافي والمشفى الخاص ومقسم الهاتف ومركز الشرطة، إلا أن هذه الخدمات لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة.
أزمة المياه.. معاناة قديمة وحلول مؤقتة
تُعتبر مشكلة نقص المياه من أكبر الأزمات التي تعاني منها البلدة، حيث يضطر السكان إلى شراء المياه من الصهاريج، رغم احتمال عدم صلاحيتها للشرب، مما يضاعف من معاناتهم بسبب التكلفة المرتفعة، حيث يقدر سعر تعبئة خزان 5 براميل بحوالي 70,000 ليرة سورية.
وللوقوف على أسباب هذه المشكلة، تحدثت صحيفة “جسر” مع المهندس هيثم غنيم، رئيس مجلس بلدية جديدة عرطوز، الذي أوضح أن “البلدة تتغذى بالمياه من مشروع الريمة في جبل الشيخ، الذي يزوّد كل من جديدة عرطوز، عرطوز، وصحنايا بالمياه. وتبلغ حصة جديدة عرطوز أربعة أيام في الأسبوع، حيث يضخ المشروع بين 150 إلى 400 متر مكعب في الساعة، في حال كان هناك استقرار كامل”.
وأضاف “غنيم” أن “المشكلة تفاقمت منذ تسعة أشهر بسبب خلل في الخط المعفى من التقنين، مما دفع المجتمع المحلي ومجلس البلدية إلى جمع 50 مليون ليرة سورية لشراء أبراج وصيانة الخط، الأمر الذي أدى إلى تحسن مؤقت في الوضع.. ولكن، منذ شهرين، عادت الأزمة نتيجة إطلاق نار غير مقصود على الخط أثناء الاحتفالات بانتصار الثورة، حيث يمر هذا الخط عبر مناطق سكنية، ومن أجل تفادي تكرار الحادثة، تم التنسيق مع إدارة العمليات العسكرية والجهات المعنية لتحذير السكان من التعرض لهذا الخط، كونه يروي حوالي 700 ألف نسمة”.
ولتجاوز الأزمة، أشار “غنيم” إلى أنه “تم التنسيق مع شركة الكهرباء والحكومة المؤقتة لتأمين كبل بطول 100 متر وهو الجزء الأكثر تضررًا.. وبعد هذه الإصلاحات، بدأ ضخ المياه يستقر خلال الأيام الأربعة الماضية، إلا أن الحل الجذري للمشكلة يتطلب استبدال 500 متر من الكابلات، وهو ما تم طرحه على منظمة الهلال الأحمر والصليب الأحمر، ومن المتوقع تأمين الكبل خلال الأسبوع القادم”.
أزمة الصهاريج وارتفاع التكلفة
فيما يتعلق بتكاليف الصهاريج، أوضح “غنيم” أن المشكلة تكمن في انقطاع المياه، مضيفاً: “إذا استطعنا تأمين ضخ مستمر للمياه، سنتمكن من إنهاء الاعتماد على الصهاريج بشكل كامل”، مشيراً إلى أن “شح الأمطار خلال الشتاء الماضي ساهم أيضاً في انخفاض منسوب المياه، مما زاد من حدة الأزمة”.
تحدث أحد موظفي البلدية لـ”جسر” عن أزمة النظافة في المنطقة، موضحاً أن “مخصصات المحروقات كانت في السابق غير كافية، أما اليوم فلا تتوفر المخصصات على الإطلاق، مما يعيق تنظيف الحاويات ونقل القمامة، خاصة مع عدم وجود مكب قريب.. ونتيجة لذلك، يتحمل مجلس البلدية والمجتمع المحلي تكاليف شراء المازوت، وهو ما يؤدي أحياناً إلى تراكم القمامة في الشوارع”.
مطالب سكان جديدة عرطوز
في استطلاع للرأي أجرته صحيفة “جسر”، عبّر الأهالي عن مطالبهم الأساسية، إلى جانب حل مشكلة المياه، وأهمها:
– تغيير موعد تقنين الكهرباء، حيث أن أوقات الوصل الحالية (الرابعة عصراً والرابعة صباحاً) غير مناسبة، ويطالب السكان بزيادة ساعات الوصل مرة واحدة على الأقل في الأسبوع لضمان وصول المياه إلى الطوابق العليا.
– تحسين خدمة الإنترنت، فرغم وجود برجين في البلدة، إلا أن شبكة الإنترنت لا تزال ضعيفة جداً!
– إنارة الطرقات وتعبيدها، إذ تعاني بعض الشوارع من الظلام التام بسبب عدم وجود إنارة، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لصيانة وتعبيد الطرقات.
تعكس المشكلات التي تواجهها جديدة عرطوز واقعاً عاماً تعاني منه العديد من مناطق ريف دمشق التي طالما كانت مهمشة خدمياً في عهد النظام البائد، واليوم، يتساءل الأهالي: هل ستبقى هذه الأرياف على حالها أم أن المستقبل سيحمل لهم حلولًا جذرية تضع حدًا لمعاناتهم اليومية؟