جسر – دير الزور (شام الحمود)
يُعدّ السوق المقبي أحد أقدم وأشهر أسواق دير الزور، حيث يعود تاريخ بنائه إلى عام 1865، ويضم سبعة أقسام تجارية هي: سوق العطارين وسوق الحدادة وسوق خلوف وسوق الحبال وسوق عكاظ وسوق التجار وسوق الخشابة. ويحتوي السوق على قرابة 900 محل تجاري، ما جعله مركزاً حيوياً للحركة الاقتصادية والتجارية في المدينة.
تعرض السوق لدمار واسع خلال الحرب عام 2012 إثر استهدافه بالقصف الجوي والمدفعي، ما أدى إلى فقدان المدينة جزءاً هاماً من هويتها التاريخية. ويؤكد نادر الصفيف، أحد أصحاب المحلات السابقين، أن السوق لم يكن مجرد مكان للتجارة، بل كان يمثل إرثاً ثقافياً واجتماعياً لسكان المدينة.
وعلى الرغم من الخراب الذي حل بالسوق، لا تزال ذاكرة أهالي دير الزور نابضة بحكاياته. ويعبر الحاج محمد العيساوي عن تعلقه بالمكان، قائلاً: “ذكرياتنا هنا لا تموت، كنا نأتي يومياً، نتبادل الأحاديث، ونعمل مع أهلنا، واليوم كلما مررنا بجانب الركام، نستعيد لحظات من شبابنا”.
لكن الأمل عاد ليطرق أبواب التجار مع الإعلان عن مشروع ترميم السوق، حيث شكل هذا الخبر بارقة أمل للمئات من أصحاب المحلات الذين ينتظرون بفارغ الصبر عودتهم إلى العمل، بما يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في المدينة.
مشروع الترميم بين العرقلة والانطلاق
بدأت أعمال ترميم السوق في عام 2022، بعد إعلان النظام السابق عن اتفاق مع منظمة دولية لإعادة تأهيله، غير أن المشروع سرعان ما تعرّض للعرقلة بعد فسخ العقد وسلب الأموال المخصصة للترميم، ما أدى إلى توقف العمل بشكل كامل.
وبعد سقوط النظام وتحرير المدينة وعودة الاستقرار، برزت الحاجة الملحّة لإعادة السوق إلى سابق عهده، حيث بادرت الحكومة الجديدة إلى إعادة تأهيله ضمن خطة شاملة لإنعاش الأسواق والأحياء المدمرة.
وبحسب أحد العاملين في بلدية دير الزور، تم تقسيم مراحل الترميم إلى ثلاث مراحل رئيسية:
– ترحيل الأنقاض والتأكد من خلوّ السوق من الألغام، حيث قامت فرق متخصصة بإزالة الركام وفرز الأحجار القابلة لإعادة الاستخدام.
– إجراء دراسات هندسية وأثرية لإعادة بناء السوق وفق طابعه التراثي، وذلك بالتنسيق مع مديرية الآثار والمتاحف.
– بدء عملية التشييد الفعلية للسوق، والتي لم تنطلق بعد، لكنها تعتبر أولوية ضمن خطة إعادة الإعمار.
ويعول سكان المدينة على استكمال المشروع، نظراً لأهميته في إنعاش التجارة والسياحة المحلية، حيث يعتبر السوق المقبي ليس فقط معلماً تاريخياً، بل ركيزة أساسية لاقتصاد دير الزور، وعودته تعني إعادة نبض الحياة إلى شوارعها.