جسر – طرطوس (نهى قنص)
فرض النظام البائد، بأساليبه وأدواته الاقتصادية، أنماط استهلاك غير صحية أضرت بالمواطنين، حيث اضطر كثير منهم إلى خلط زيت الزيتون مع الزيوت النباتية بسبب الارتفاع الكبير في سعر صفيحة الزيت، ما جعل شراءها بشكل منتظم أمراً صعباً، لا سيما للأسر الكبيرة التي تعاني من تردي الأوضاع المعيشية، على الرغم من توفر زيت الزيتون بكميات جيدة وبمواصفات فريدة في محافظة طرطوس.
ومع وصول سعر صفيحة زيت الزيتون إلى أكثر من مليون و٧٠٠ ألف ليرة، لجأت العديد من الأسر إلى خلط الزيت لضمان استمراره لفترة أطول، متجاهلين التداعيات الصحية لهذا السلوك.
يقول أبو وائل، وهو أب لخمسة أبناء: “لا أستطيع شراء صفيحة زيت زيتون كل شهرين، خاصة مع احتياجات أبنائي المدرسية والجامعية، إضافة إلى الأدوية التي تحتاجها زوجتي المريضة بالقلب بشكل شهري، ناهيك عن تكاليف المعيشة المرتفعة والفواتير المتزايدة”.
بدورها، أعربت الموظفة سهى جديد عن أسفها لما وصلت إليه الأوضاع، متسائلة: “متى أصبح تأمين زيت الزيتون هماً على الأسر؟ لقد حرمنا النظام الظالم من أبسط حقوقنا، حتى أصبح الحصول على احتياجاتنا اليومية أمراً صعب التحقيق”.
آثار خلط زيت الزيتون مع الزيوت النباتية
وخلال متابعة صحيفة “جسر” لهذا الموضوع، الذي يمس صحة وسلامة الإنسان، أوضح الدكتور علي علي، المختص في هندسة تقانة الأغذية بجامعة طرطوس، أن الزيوت النباتية تختلف في تركيبها الكيميائي واحتوائها على الأحماض الدهنية مثل أوميغا 3، أوميغا 6، وأوميغا 9، والتي تختلف في تأثيرها الصحي.
وأكد الدكتور علي أن زيت الزيتون يتميز بغناه بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة (أوميغا 9) بنسبة تتراوح بين 65-86%، إضافة إلى احتوائه على تركيزات عالية من الفيتامينات (A، E، D، K)، ومضادات الأكسدة الطبيعية، مما يمنحه فوائد صحية فريدة، مشيراً إلى أن جمعية القلب الأميركية (AHA) أكدت أن ارتفاع نسبة الأوميغا-9 في زيت الزيتون يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL)، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.
وأضاف الدكتور علي أن زيت دوار الشمس، رغم احتوائه على أوميغا 6 وأوميغا 3 بنسب مرتفعة، إلا أنه أقل مقاومة للحرارة ويتأكسد بسرعة، مما يؤدي إلى إنتاج جذور حرة ضارة أثناء الطهي، قد تسبب أمراضاً مثل الزهايمر وأمراض القلب، كما أن بعض هذه المركبات لها تأثير مسرطن، ويمكن أن تؤدي إلى التهابات ومشاكل في الجهاز القلبي الوعائي، بالإضافة إلى احتوائه على مضادات أكسدة صناعية ضارة مثل (TBT).
وأشار إلى أن “عملية خلط زيت الزيتون بزيوت أخرى غير صحية، حيث تزيد من نسبة الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (أوميغا 6 وأوميغا 3) على حساب أوميغا 9، ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة عند الطهي”.
وأكد أنه “لا يجوز خلط الزيوت لأغراض الطهي، حيث تحتوي كل منها على توازن محدد من الأحماض الدهنية، وأي تعديل قد يؤدي إلى مضاعفات صحية”.
من جانبه، حذر الدكتور سليمان سلامة من أن الزيوت النباتية المتوفرة في الأسواق ليست طبيعية، بل كيميائية ومغشوشة، مما يجعل خلطها مع زيت الزيتون أمراً خطيراً. وأوضح أن زيت الزيتون يحتوي على أحماض دهنية غير مشبعة قد تتحد مع العناصر الثقيلة السامة مثل الزئبق والرصاص والنيكل، مما يؤدي إلى تراكمها في الجسم، مسبباً أمراضاً خطيرة تؤثر على صحة القلب بشكل كبير.
تجدر الإشارة إلى أن سعر صفيحة زيت الزيتون انخفض بشكل كبير بعد سقوط النظام الظالم، حيث يتراوح حالياً بين 500 – 600 ألف ليرة سورية، وسط توقعات من المزارعين والمنتجين بانخفاض الأسعار أكثر خلال الأشهر القادمة.