جسر – نهى قنص
بعد نحو ثلاثة أشهر على الإطاحة بنظام الأسد البائد، تشكّلت حكومة جديدة مؤلفة من 23 حقيبة وزارية، وسط آمال بتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية ورفع العقوبات عن سوريا. وبينما يرى البعض في هذه الحكومة خطوة إيجابية نحو بناء سوريا الجديدة، يعترض آخرون عليها معتبرين أنها لا تعكس التوازنات المطلوبة بعد سقوط النظام.
واستطلعت صحيفة “جسر” آراء عدد من المواطنين حول تشكيل الحكومة الجديدة، والفرص المتاحة لنجاحها وتحسين حياة الشعب السوري الذي عانى الكثير خلال سنوات الحرب.
ويرى المهندس عدنان عساف أن “تشكيل هذه الحكومة يُعد تغييراُ غير مسبوق في تاريخ سوريا، حيث تم تقليص عدد الوزارات إلى 23 فقط”، وأشار إلى التحديات الكبيرة التي ستواجه الوزراء، متمنياً أن يكونوا قادرين على بناء سوريا الجديدة.
أما المدرّس علاء جنيد، فأبدى إعجابه بأداء القسم الوزاري العلني، معتبراً أن ذلك “يزيد من مسؤولية الوزراء أمام الشعب”.
وأكد أن “الحكومة الجديدة تواجه أنقاضاً كبيرة وتحديات أصعب، وهي الآن تحت الرقابة الشعبية، حيث لم يعد السوريون يخشون التعبير عن آرائهم بحرية.. أي وزير غير قادر على مواجهة الأسئلة الصعبة قد يفقد منصبه بسرعة”.
من جهتها، رأت السيدة لينا السعدي أن “تشكيل الحكومة خطوة مهمة لأنها تحقق مبدأ الشمولية، إذ تضم وزراء من مختلف الطوائف والقوى السياسية ومن جميع المحافظات السورية.. التنوع والشمولية كانا مطلباً شعبياً”، مشيرةً إلى أن “المهمة الأهم للحكومة هي اجتياز الاختبار الدولي والعمل على رفع العقوبات”.
أما الصيدلاني آدم حسن، فاعتبر أن “الإعلان عن الحكومة أدخل سوريا في مرحلة جديدة، هدفها نقل البلاد إلى واقع يحمل العزة والكرامة للسوريين، وإلقاء الوزراء كلمات عقب أداء القسم مؤشر على الشفافية والانفتاح على الشعب”.
من جانبه، شدد الدكتور سعيد مرهج على “ضرورة أن يكون للوزراء تواصل مباشر مع المواطنين”، لافتاً إلى “أهمية تخصيص قنوات اتصال رسمية بين الحكومة والشعب لضمان تلبية تطلعات السوريين بعد تحررهم من النظام السابق”.
تشكيلة الحكومة الجديدة
وفقًا للإعلان الدستوري، سيرأس الشرع الحكومة بنفسه بعد إلغاء منصب رئيس مجلس الوزراء، في تغيير لافت عن الحكومات السابقة. كما احتفظ وزيرا الخارجية أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبو قصرة بمنصبيهما.
وشملت التشكيلة الحكومية بعض التعديلات، أبرزها استحداث وزارة الرياضة والشباب ووزارة الطوارئ والكوارث، ودمج وزارتي الكهرباء والنفط في وزارة واحدة هي وزارة الطاقة، ودمج وزارات التجارة والصناعة والاقتصاد في وزارة واحدة هي وزارة الاقتصاد.
تحديات الحكومة الجديدة
يواجه الوزراء الجدد مجموعة من التحديات الكبرى، على رأسها الوضع الاقتصادي المتدهور نتيجة العقوبات المفروضة على البلاد.
وأوضح حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، أن التحديات تشمل الحاجة إلى إيجاد حلول سريعة لأزمة العملة السورية، وتوفير الكهرباء والمياه والطاقة بشكل مستدام، وضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين من الخارج، وسن تشريعات جديدة تعالج المشكلات الاقتصادية والاجتماعية عبر السلطة التشريعية المقبلة.
هل تكسب الحكومة الجديدة الرهان؟
رغم الترقب الكبير لما ستقدمه الحكومة الجديدة، لا تزال هناك شكوك وانتقادات تحيط بقدرتها على مواجهة التحديات الضخمة التي تعصف بالبلاد. فبينما يرى البعض أنها تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو بناء سوريا الجديدة، يعتبر آخرون أنها لا تعكس توازنات ما بعد سقوط النظام، وأن بعض الوزراء قد لا يمتلكون الخبرة الكافية لإدارة الأزمات الراهنة. كما أن العقوبات الدولية ما زالت تشكل عائقاً كبيراً أمام أي إصلاح اقتصادي، مما يزيد من الضغوط على الحكومة لإثبات جديتها في إحداث التغيير المنشود.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الحكومة في كسب ثقة الشعب والتعامل مع التحديات بفعالية، أم أنها ستكون مجرد تجربة أخرى محكومة بالفشل؟ الأيام القادمة وحدها ستحدد الإجابة.