السيارات الأوروبية تغزو المدن السورية.. وتجار يشتكون من الخسائر

شارك

جسر – دمشق (عبد الله الحمد)

بدأت ظاهرة انتشار السيارات الأوروبية الواردة إلى سوريا تغزو كافة شوارع المدن والمحافظات بعد سقوط النظام البائد مباشرة، ومن دون تحديد أي ضوابط لحركة البيع والتسجيل في الدوائر الحكومية. وسط تساؤلات من التجار والمواطنين حول كيفية تعامل الحكومة السورية معها في الأيام القادمة.

ووفقاً لشهادات من تجار السيارات والزبائن، هناك فارق كبير في الأسعار بين السيارات التي دخلت البلاد من المنافذ الحدودية بين سوريا وتركيا من جهة، والسيارات السورية التي كانت موجودة وخضعت للضرائب والرسوم وفق القانون المعمول به في البلاد في عهد النظام السابق.

حركة غير مسبوقة على بيع السيارات في مناطق الشمال السوري

بعد سقوط نظام الأسد في دمشق بتاريخ 8 كانون الثاني 2024، توجه عدد كبير من التجار والسكان من مختلف المناطق التي كانت تحت سيطرته إلى مناطق الشمال المحررة، وخاصة إلى وكالات بيع السيارات في ريفي إدلب وحلب.

وقد شهدت أسعار السيارات الأوروبية في هذه المناطق ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة لقوة السوق وازدياد الرغبة في الشراء، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 100% خلال أيام، خصوصاً أن امتلاك سيارة حديثة في مناطق النظام كان حلماً مستحيلاً وصعب المنال.

يؤكد أبو محمد، أحد تجار السيارات في سرمدا، أن أسعار السيارات الأوروبية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن بعض الأنواع تضاعف سعرها تماماً.

أما أبو علي، وهو تاجر آخر، فقد أرجع سبب هذا الارتفاع إلى الطلب الكبير، خاصة من الأهالي والتجار القادمين من مناطق النظام، حيث يتوجه الزبائن اليوم إلى أسواق إدلب لشراء السيارات بأسعار أقل بكثير مما كانت عليه في مناطقهم.

ويعود هذا الفرق الكبير في الأسعار إلى الرسوم الجمركية المفروضة على سوق السيارات في عهد النظام، ما جعل الأسعار تتضاعف بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إضافة إلى منع استيراد السيارات الحديثة، مما ساهم في ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه.

خسائر كبيرة لتجار السيارات في مناطق النظام
في المقابل، تعرض تجار السيارات ومالكوها في المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام لخسائر كبيرة، حيث انخفضت الأسعار بنسبة تجاوزت 70%، خاصة مع عدم وجود آليات واضحة لقوانين البيع والملكية، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب.

سعدو داوود، أحد التجار في ريف دمشق، كشف أن خسارته تقدر بـ 100 ألف دولار أمريكي نتيجة انخفاض أسعار السيارات، لافتاً إلى أن “الأسعار انخفضت بشكل حاد بسبب دخول السيارات القادمة من شمال سوريا، والتي يطلق عليها البعض السيارات الإدلبية”.

أما أبو علي، تاجر سيارات دمشقي، فأكد أن سعر سيارة “كيا ريو” موديل 2011، والتي تُعرف بـ”خبز السوق” نظراً للطلب الكبير عليها، انخفض إلى نحو 5 آلاف دولار بعد أن كان يتجاوز 12 ألف دولار قبل سقوط النظام، مما يمثل خسائر كبيرة لا يمكن للتجار والمالكين تحملها.

الحلول الحكومية قيد الدراسة

كشف مسؤول في وزارة النقل، رفض ذكر اسمه، أن الوزارة تعمل على خطة لمعالجة هذه الظاهرة، خاصة بعد ورود شكاوى من مناطق الشمال السوري بسبب ارتفاع الأسعار، ومن المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرض لها التجار.

وأشار المصدر إلى أن التحدي يكمن في إيجاد مقاربات مرضية للطرفين.

بدوره، أوضح مضر عمر، مسؤول العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد، أن “هناك توجهاً لإعادة النظر في الضرائب غير المبررة واتخاذ إجراءات تخفف الأعباء عن السوريين”، مؤكداً أنه ستتم مراجعة الواقع الحالي وتحديد آليات استيراد تتناسب مع البنية التحتية المتاحة.

كما أكد عمر أنه سيتم إعادة النظر في جميع الرسوم الجمركية ووضع آلية جديدة للجمارك والتجارة الخارجية تضمن المنافسة الحرة والعادلة.

يبدو أن الحكومة السورية الجديدة أمام مهمة إضافية في جدول أعمالها المزدحم، حيث إن وضع ضوابط ومواصفات لاستيراد السيارات المستعملة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار خسائر التجار، وإعادة دراسة الرسوم الجمركية التي كانت مفروضة في عهد النظام السابق، إضافة إلى تلبية رغبة المواطن السوري الكبيرة في امتلاك سيارة خاصة بعد عقود من الحرمان.

شارك