جسر – عبد الله الحمد
تكثر الشائعات في زمن الحروب وتزداد تداعياتها السلبية، خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعد من أقوى أدوات هدم المجتمع وإضعاف أفراده، كما أنها أحد أدوات الحروب الحديثة، لا سيما في العالم العربي. وتزداد خطورة الشائعات عندما تستهدف المراهقين وطلاب المدارس، كونهم الفئة الأكثر تأثراً بها.
تأثيرات متباينة للشائعات على الشباب في سوريا
يرى أيهم صابر، وهو طالب في كلية التجارة والاقتصاد، أن التربية والوعي العائلي يلعبان دوراً أساسياً في التصدي للشائعات، إذ يقول: “نتيجة الثقة التي بناها والدي، لا أتأثر بالشائعات، لأنني ما إن أسمع خبراً حتى أسأل والديّ اللذين يساعدانني في البحث الدقيق عن المعلومة، والتأكد من مصداقيتها قبل الانجرار وراءها”.
في المقابل، لم تخفِ رغد سليم، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، تأثرها بالشائعات التي تتناول المدرسة والمناهج وسلامة المياه، مؤكدةً أن هذه الأخبار المشوشة تثير القلق بين الطلاب.
أما زميلتها ولاء، فقد شددت على أن الشائعات تؤثر بشكل كبير على طلاب المدارس، وخصوصاً طلاب الشهادات، داعيةً إلى عدم تصديقها، خاصة مع سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الأفراد في المجتمع.
وسائل التواصل الاجتماعي المصدر الأكبر للشائعات
يؤكد الأستاذ رامي عبد الله، وهو موجه تربوي في مديرية تربية ريف دمشق، أن الشائعات أصبحت أكثر انتشاراً في ظل الطفرة الكبيرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم تداول كميات هائلة من المعلومات والأخبار يومياً، وشدد على “أهمية التأكد من مصادر الأخبار قبل تصديقها”، محذراً من أن الشائعات تُستخدم كأداة للهدم، مما يجعل التصدي لها ضرورة ملحة.
من جانبها، أكدت السيدة حياة أن للأهل دوراً كبيراً في توعية الأبناء حتى في المراحل الجامعية، لتجنب تأثير الشائعات على المستوى النفسي والاجتماعي.
تطور أساليب وأشكال الشائعات
المرشدة النفسية رماح زيتي أوضحت أن الشائعة هي خبر أو معلومة أو فكرة لا تستند إلى مصدر موثوق، ويمكن أن تُنقل شفهياً أو كتابياً أو حتى من خلال الصور والفيديوهات. وأشارت إلى أن من أهم أسباب انتشار الشائعات:
– وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة مستخدميها.
– تسارع الأحداث وتواليها، مما يؤدي إلى تشتيت الأفراد ويدفعهم إلى تصديق الأخبار المغلوطة.
– ضعف الدور الإعلامي في نشر المعلومات الصحيحة، وغياب الإجراءات القانونية لمحاسبة ناشري الشائعات.
– نقص المعلومات الدقيقة حول الأحداث.
– تكرار الشائعة بين فترة وأخرى، مما يزيد من مصداقيتها لدى البعض.
وأضافت المرشدة الاجتماعية أن ثقافة المجتمع ومدى وعيه يلعبان دوراً في انتشار الشائعات، إذ تزداد قوتها كلما زاد عدد مروجيها ووسائل نشرها، موضحة أن خطورة الشائعات تزداد عندما يتم تداولها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب جذاب ومنظم، ما يجعلها قادرة على جذب جمهور كبير.
وأكدت أن وسائل الإعلام قد تتحول أحياناً إلى منصة لنشر الأخبار الكاذبة، بهدف إثارة البلبلة والفتنة. كما شددت على أهمية دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في نشر الوعي والتصدي لمثل هذه الظواهر.
تأثير الشائعات على الفرد والمجتمع
أشارت زيتي إلى أن الشائعات لها آثار خطيرة على الأفراد والمجتمع، من بينها:
– خلق فجوة بين الأفراد والحكومة، مما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بينهما.
– انتشار مشاعر الكره والعداء بين أفراد المجتمع.
– زيادة القلق والخوف من أحداث معينة.
– هدر الوقت والجهد على قضايا غير حقيقية، بدلاً من التركيز على حل المشكلات الفعلية في المجتمع.
مقترحات للحد من الشائعات
قدمت المرشد الاجتماعية رماح زيتي عدة مقترحات للحد من تأثير الشائعات، أبرزها:
– تجنب نشر أي خبر قبل التأكد من صحته.
– الاعتماد على مصادر موثوقة للحصول على المعلومات.
– البحث عن أسباب انتشار الشائعة، لأنها قد تكون مفتاحاً لفهم كيفية التصدي لها.
– تفعيل دور الإرشاد المدرسي من خلال لقاءات توعوية مع الطلاب ووضع برامج إرشادية.
– تعزيز دور الأسرة في توعية الأبناء، لأن الشائعات تهدف إلى التأثير على الأفراد وزعزعة استقرارهم.
وختمت زيتي حديثها بالتأكيد على أن مواجهة الشائعات تتطلب تضافر جهود الجميع، من خلال البحث عن المصادر الموثوقة والتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها أو تصديقها.