جسر – دمشق (نهى قنص)
تعد مشكلة مخالفات البناء والفوضى العمرانية من أبرز القضايا التي ظهرت بشكل لافت بعد سقوط نظام الأسد، فقد ازدادت خلال السنوات الماضية، ظاهرة تشييد الأبنية بشكل عشوائي ودون تراخيص، خاصة في العاصمة دمشق، في ظل غياب الجهات المختصة التي كان من المفترض أن تنظم العملية العمرانية.
هذا الواقع المأساوي ألحق أضرارًا كبيرة بالمدينة وسكانها، مما أدى إلى تهديد حياتهم واستقرارهم، وشكّل خطرًا على المظهر الحضاري للمدينة. وفي هذا السياق، تسعى صحيفة “جسر” إلى تسليط الضوء على القضية، بهدف إيجاد حلول جدية وسريعة لإعادة إعمار عادلة تستعيد القيمة الجمالية والمعنوية لمدينة دمشق العريقة.
انعكاسات الفوضى العمرانية على دمشق
ناقشت صحيفة “جسر” الموضوع مع مهندسين وعمال وأشخاص على صلة بهذا المجال، بهدف الوقوف على حجم الفوضى العمرانية غير المنضبطة وآثارها السلبية.
المهندس المعماري سعيد الشامي (اسم مستعار) أشار إلى أن “المشكلة ليست جديدة، لكنها تفاقمت بشكل كبير بعد سقوط النظام”، وأكد أن “لهذه الفوضى العمرانية تأثيرات سلبية كبيرة، من أبرزها تشويه المنظر الحضاري للمدينة، حيث يتطلب حلها جهوداً كبيرة وموارد طائلة”.
من جهته، يرى المهندس علي النجار أن “تراكم الأبنية العشوائية حول دمشق إلى مجموعة من الأبنية المتداخلة التي يصعب فصلها عن بعضها”، مضيفاً أن “المكان يعد جزءاً من ذاكرة الناس، وعندما تفقد المدينة قدرتها على إظهار الماضي، فإنها تفقد جزءاً من هويتها”.
شهادات من أرض الواقع
علاء، وهو عامل في إحدى ورشات البناء المخالف، قال: “الناس ما عم تهتم إذا البيت صالح للسكن أو فيه تهوية منيحة أو بيتعرض للشمس.. المهم عندا أنه توسع البيت وتعمر شي جديد وتستغل الفرصة.. لهيك صار في فوضى بالبناء بشكل كبير”.
أما العم أبو محمد، وهو رجل سبعيني من سكان العاصمة، فقد وصف بمرارة الواقع قائلاً: “بسبب هالمخالفات صارت المنطقة بؤرة تلوث.. بيئي وسمعي وبصري كمان. صرت عم تشوف الأنقاض معباية الطرقات.. حبو هالبلد يا ناس حاج تخربوا فيها”.
جهود لإزالة المخالفات
بدأت ورشات مديرية دوائر الخدمات في محافظة دمشق بإزالة المخالفات التي تم إنشاؤها على الأملاك العامة بعد تحرير المدينة من النظام البائد. وذكرت محافظة دمشق أن عمليات الإزالة شملت منطقة برزة، داعية المواطنين إلى عدم التعدي على الأملاك العامة، ومؤكدة أن المخالفات سيتم إزالتها وفق الأنظمة والقوانين.
الفوضى العمرانية التي تخيم على دمشق شوهت وجهها الحضاري، وأثرت بشكل كبير على قيمتها الثقافية والفنية والجمالية، ما يجعل الحلول الحقيقية أكثر إلحاحًا لاستعادة رونق هذه المدينة العريقة.