جسر – دمشق (رامي بديوي)
جاءت حاضنة دمر المركزية للفنون الحرفية كنتيجة لبحث علمي مطول وجهود كبيرة، ومن أهدافها الاستراتيجية دعم وتعليم الحرف اليدوية، وإيجاد أسواق تجارية للمنتجات في الداخل والخارج، والمشاركة في المعارض وتوثيق المهن التراثية.
قرابة ستة أعوام مضت على إحداث الحاضنة، لكن حساب الحقل لم يتطابق مع حساب البيدر نتيجة عوامل عدة، أبرزها الوعود الكاذبة التي كان يطلقها بعض مسؤولي النظام البائد.
الوعود الكاذبة وارتفاع التكاليف
عدنان تنبكجي، شيخ كار بالفنون النحاسية والتشكيلية، قال في حديث خاص لصحيفة “جسر”: “الموافقة تمت من القيادة السابقة على إنشاء الحاضنة، وهي تابعة للاتحاد العام للحرفيين. الفكرة كانت تقوم على إيجاد مكان يستثمره الحرفي مقابل إيجار رمزي، لكن هذا الأمر لم يتم تنفيذه على أرض الواقع، فقيمة الاستثمار السنوي بالنسبة للحرفي كانت مليون ليرة وارتفعت خلال ستة أعوام إلى 25 مليون ليرة سنوياً”.
يتابع تنبكجي: “سرعان ما بدأت الوعود بالانهيار، لقد كنت أول الداخلين إلى الحاضنة بموجب عقد عمل رقم واحد، كان المكان هنا عبارة عن أرض ترابية، وشاركت بعمليات البناء وتمديد الكهرباء والصحية.. علمت العديد من الدورات وجميعها على حسابنا الشخصي ولم يتم تقديم أي دعم لنا من قبل القيادة في النظام السابق”.
ضرائب جائرة ومخالفات غير منطقية
المعوقات لم تقتصر على الوعود الكاذبة، بل تعدتها إلى فرض الإتاوات والمخالفات الجمركية غير المنطقية وإجراءات تعسفية دفعت بالعديد من الحرفيين إلى الهجرة، نتيجة عدم توافر حوامل الطاقة والمواد الأولية.
يقول تنبكجي: “بالنسبة لعملي، تشكل مادة النحاس أهم مادة أولية حيث كان يفرض علينا أن نأخذها من مصدر واحد وإلا تعرضنا للسجن والمسائلة والمضايقة، علماً أن هذا النحاس هو ناتج محلي عن طريق تكرير الخردوات. زد على ذلك الإتاوات التي كانت تفرض علينا من قبل ذات الموردين الذين باعونا النحاس، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير”.
يتابع: “لقد وعدونا كثيراً بتقديم خطوط كهربائية معفاة من التقنين، أما بالنسبة للمازوت فكنا نشتريه بسعر أغلى من السوق السوداء، وكذلك الأمر بالنسبة للغاز، فكنا ندفع ثمن الجرة الصناعية رقماً مضاعفاً”.
ممارسات قمعية تحت ستار العمل المؤسساتي
بذريعة العمل النقابي والتنظيمي وبعض ممارسات مسؤولي الاتحادات والقيادات الحزبية الفاسدة في النظام البائد، تم بث روح التفرقة بين الحرفيين وتعزيز النزعات الفردية وعداوة الكار والتقارير الكيدية لتسيير الأمور.
يؤكد السيد تنبكجي أن “القيادات في النظام البائد كانت تسعى إلى تفرقتنا وزرع الكراهية بين الحرفيين عوضاً عن حل الخلافات وزرع المحبة والطمأنينة. حتى إذا شاركنا بأحد المعارض الدولية كان بعض مسؤولي النظام لا يسألوننا ماذا نريد ولا يقدمون أي دعم على أي مستوى، الشيء الوحيد الذي يسألون عنه هو: ماذا أحضرت لنا؟”.
ويردف: “الجميع كان يستغل الحرفي ويفرض عليه تقديم الهدايا، وكل مسؤول يزورنا يطلب قطعة أو قطعتين من كل حرفي ولا يدفع ثمنها بالطبع.. نحن اليوم نطلب من المسؤولين تقديم يد العون للحرفي الذي يساهم بشكل أو بآخر بتكوين هوية وتراث سوريا”.
آمال وتطلعات نحو مستقبل
الحرفيون في دمشق اليوم يتطلعون إلى المسؤولين الجدد لتحقيق الوعود السابقة، فالمكان الذي كانت الغاية من تأسيسه صون الموروث التراثي السوري، يجب أن يؤمن التسهيلات اللازمة في كافة مراحل الإنتاج والتسويق.