حضور بارز للمنتجات التركية في سوريا.. ماذا عن السلع المحلية؟

شارك

جسر – نهى قنص

سجلت تركيا ببضائعها المختلفة حضوراً قوياً في الأسواق السورية، وجاءت التطورات الأخيرة لتفتح المجال بشكل أوسع، حيث باتت أحد أكبر اللاعبين التجاريين في السوق المحلية، من المواد الغذائية والملابس والأجهزة الإلكترونية والسيارات وغيرها من السلع.

هيمنة تركية

بدأت البضاعة المستوردة التي بقيت طوال السنين الأخيرة تصل من تركيا إلى محافظة إدلب، بالوصول إلى بقية أنحاء سوريا، حيث وصلت بعد أيام معدودة من سقوط النظام، كميات كبيرة من البضائع التركية وبضائع دول الجوار إلى الأسواق المحلية، وحظيت هذه البضائع برضا المواطنين وإقبالهم المتزايد على الشراء، كونها أرخص من البضائع المحلية من جهة ولتنوعها من جهة أخرى.

خلال جولة لـ”جسر” على بعض الأسواق الشعبية، عبّر عدد من المواطنين عن ارتياحهم لوجود البضائع التركية نظراً لوجود الفوارق السعرية بينها وبين المنتج المحلي، والتي تصل إلى ما يقارب 50%.

يقول رجب، 40 عاماً، إن “البضائع الأجنبية لم تكن موجودة أصلاً في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام السابق، حيث كانت تخضع لعقوبات قانونية تصل غراماتها إلى 300 أو 400 مليون ليرة سورية، أما اليوم، فقد باتت هذه البضائع متوفرة وبأسعار تناسب جميع المواطنين”

انتعاش بسيط للاقتصاد السوري

أعلنت الحكومة الانتقالية في سوريا عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية الموحدة التي تهدف إلى خفض الرسوم بنسبة تتراوح ما بين 50-60%. وأكدت الحكومة أن خفض الرسوم على المواد الخام المستوردة سيسهم في حماية الجهات المصنعة المحلية.

علق ماهر خليل الحسن، وزير التجارة الداخلية، على ذلك قائلاً: “تتمثل مسؤوليتنا الأساسية خلال هذه المرحلة بضخ الدماء في عروق الاقتصاد والحفاظ على المؤسسات وخدمة المواطنين.”

من جهة أخرى، أعرب أحد الزبائن عن استيائه: “معقول العالم كانت عايشة بغلا الأسعار وطالعة من حرب، ويزيدوا عليها الجمركة؟ نطلب من وزير الصناعة يرجع الجمركة مثل قبل لأنه ما حدا رح يتضرر إلا المواطن.. التاجر مو فارقة معه، بيرفع السعر قد ما بدو.. خلي الشعب يعيش”.

سلع من دول الجوار

سوريا ليست فقط سوقاً للسلع التركية، بل هي أيضاً معبر رئيسي للسلع والمنتجات اللبنانية والأردنية، وصار بوسع الناس شراء سلع ومنتجات أجنبية بسهولة، حيث تشكل المواد الغذائية القادمة من لبنان خير مثال، فضلاً عن السيارات التي تعبر الحدود بكل سهولة.

كما بدأت الشاحنات الأردنية المحملة بالسلع بالدخول إلى سوريا من معبر جابر، ناقلة العديد من البضائع من مواد غذائية وغيرها.

مصير المنتج المحلي

يقول التاجر عبد الحميد رمضان إن دخول المنتجات التركية إلى الأسواق السورية ألحق الضرر بالصناعيين، لا سيما في قطاع المواد الغذائية.

وأكد أن “بعض المعامل تم إغلاقها لأنها غير قادرة على المنافسة، حيث إن المعابر الحدودية أصبحت مفتوحة والبضائع التي تدخل أرخص من المنتج المحلي، مما أدى إلى مضاربة الصناعة الوطنية”.

وأشار رمضان إلى “ضرورة سنّ إجراءات تحمي الصناعة الوطنية”، بينما أكدت وزارة الصناعة أنها تعمل على سلسلة قرارات لتحقيق ذلك.

ويرى المستشار المالي نضال خليل أن الوضع الاقتصادي الحالي يتطلب تأمين السلع الأرخص لأن أغلب الصناعيين ورؤوس الأموال غادروا البلاد هرباً من الإتاوات والضرائب التي كانت مفروضة في زمن النظام.

وأضاف: “عندما تنتعش البلد ويعود الصناعيون ورؤوس الأموال إليها، ويتم تأمين مصادر الطاقة واليد العاملة، سيتم تأمين حماية المنتج المحلي. وقتها ستتم إعادة ألق الصناعة السورية”.

بين معامل توقفت عن العمل بشكل كلي وأخرى تواصل العمل بصعوبة، يعيش الاقتصاد السوري مرحلة حساسة تتسم بتغيرات جذرية، مع دخول المنتجات الأجنبية بقوة إلى الأسواق المحلية وتأثيرها الواضح على الصناعة الوطنية. وبينما تستمر الجهود الحكومية لضبط الرسوم الجمركية وحماية المنتج المحلي، يبقى التحدي الأكبر في خلق بيئة اقتصادية مستقرة تشجع عودة الصناعيين ورؤوس الأموال إلى البلاد لتحقيق التوازن بين دعم المستهلكين من جهة والنهوض بالقطاع الصناعي من جهة أخرى، ليعود الاقتصاد السوري قوياً وقادراً على المنافسة محلياً ودولياً.

شارك