جسر – الحسكة (عبد الله الحمد)
أدت تداعيات الحرب في سوريا إلى فقدان بعض الأطفال لذويهم، فقامت أسر كثيرة برعايتهم حسب إمكاناتها، ومن هنا جاءت فكرة إحداث دار الرحمة لرعاية الأيتام في القامشلي، التي قامت على أساس رعاية الأطفال من كل النواحي الإنسانية والاجتماعية والصحية والنفسية والتعليمية لحين دخولهم الجامعة.
تأسيس دار الرحمة
أكد رئيس مجلس إدارة جمعية الرحمة بالقامشلي، خالد محمود عزو، لصحيفة “جسر” أن إطلاق دار الرحمة لرعاية الأيتام عام 2014 جاء انطلاقاً من شعار الجمعية الأسمى، وهو رعاية الأطفال الأيتام، ولذلك، تم التنسيق والعمل مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل وعدد من الخيرين وأصحاب الأيادي البيضاء للوصول إلى لحظة إطلاق العمل بالدار، حيث أصبح الحلم والمسعى حقيقة بهدف رعاية الأطفال الأيتام وتقديم كامل الدعم لهم.
الأطفال أول المتضررين في الحرب
تكشف التقارير الدولية الإنسانية، وعلى رأسها منظمة الطفولة “يونسيف”، أن الأطفال الصغار هم الأكثر تضرراً من ظروف الحرب المستمرة منذ 14 سنة في سوريا، ونتيجة العقوبات الدولية على البلاد، فقد خسر الكثير منهم منازلهم وأسرهم بسبب هذه الظروف الصعبة.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس مجلس إدارة جمعية الرحمة: “المشروع يهدف إلى حماية الأطفال في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها الحرب في سوريا، ونتيجة القصف الجوي المعادي من طائرات التحالف الأمريكي على مناطق شرقي سوريا، والتي نتج عنها فقدان أطفال لذويهم. وهو مشروع رائد وذو أهمية اجتماعية وإنسانية كبيرة، ضمن مساعي الجمعيات الخيرية والأهلية العاملة في المحافظة”.
المشاريع الرمضانية للجمعية
بالتوازي مع عملها في دار الأيتام، بدأت جمعية الرحمة بتوزيع سلال غذائية ضمن خطتها السنوية لشهر رمضان 2025. ففي اليوم الأول، تم توزيع 16 سلة على المناطق الجنوبية، وشملت تل حميس، حصوية، حديدكة، هياهي، ملوك سراي، مثلوثة، ومناطق أخرى، واستمر التوزيع يومياً ليصل حتى تاريخه إلى 160 سلة غذائية يومياً.
وتتضمن السلة الغذائية زيت 4 لتر (1 علبة)، رز 900 غ (5 أكياس)، عدس أحمر 900 غ (2 كيس)، شعيرية 400 غ (2 كيس)، معكرونة 400 غ (3 أكياس)، دبس بندورة 850 غ (2 علبة)، شاي 450 غ (1 علبة)، سكر 5 كغ (1 كيس)، حلاوة 1 كغ (1 علبة)، فول (2 علبة)، مرتديلا (4 علب)، وتمر 800 غ (2 كيس).
إضافة إلى ذلك، قامت جمعية الرحمة بمساعدة الأطفال الأيتام الخارجيين غير المسجلين في الدار خلال شهر رمضان، حيث تم تقديم 210 سلال غذائية لأسر الأيتام في القامشلي وريفها، إضافة إلى مبالغ مالية لكل عائلة وقدرها 300 ألف ليرة سورية، وزعت على 50 عائلة.
التحديات التي تواجه الدار
تعاني دار الرحمة للأيتام من صعوبات وتحديات كثيرة، وفي هذا السياق يوضح رئيس مجلس إدارة جمعية الرحمة، خالد محمود عزو، أن الدار لا تتلقى دعماً مادياً من جهة رسمية، وتعتمد فقط على المجتمع المحلي، الذي يقدّم التبرعات في المواسم والمناسبات.
كما أشار إلى “عدم القدرة على إيجاد مشروع يدرّ ريعاً ثابتاً للدار، مما يجعل الاعتماد الكلي على التبرعات التي تزيد وتنقص وأحياناً تكاد تنعدم”.
كما كشف عزو عن عدم وجود بناء خاص بالدار، والاعتماد على منازل مستأجرة، إضافة إلى وجود قاعدة بيانات تضم 800 عائلة أيتام، تشمل نحو 2000 طفل، مما يجعل من الصعب على الجمعية تغطية احتياجاتهم بالكامل، خاصة في المناسبات مثل الأعياد، شهر رمضان، ومواسم بدء العام الدراسي.
تحاول الجمعية عبر أعمالها المتعددة إدخال البهجة والسرور إلى قلوب الأطفال الذين فقدوا عوائلهم، ورسم الابتسامة على وجوههم البريئة، وذلك بالتعاون مع مختلف الفعاليات المجتمعية وأصحاب الأيادي البيضاء، وتُعد هذه الجهود خطوة تعكس أصالة وأخلاق المجتمع السوري، ما يجعل هذا المشروع رائداً وذو أهمية اجتماعية وإنسانية كبيرة.