جسر – حلب (رامي بديوي)
منذ إشهارها في العاشر من تشرين الثاني عام 2022 في مدينة حلب، أولت مؤسسة “شهيق زفير” اهتماماً خاصاً بأطفال متلازمة داون، عبر إطلاق سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى دمجهم في المجتمع من خلال مشاريع خدمية ورياضية وخيرية، ومنح الأطفال درجة من الاستقلالية، وإخراجهم من دائرة الشفقة إلى فضاء الاحترام والتقبل.
يؤكد منتصر كيالي، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، في حديث خاص لصحيفة “جسر”، أن المؤسسة تعنى بأطفال “الداون” الذين يفضل أن يطلق عليهم اسم أصحاب “متلازمة الحب” أو “ذوي الهمم”، نظراً لما يتمتعون به من إرادة عالية وروح جميلة.
ويضيف: “نحن نهتم بتنمية مهاراتهم وتطوير مكانتهم المجتمعية وإدخالهم سوق العمل، حيث عملنا مع حوالي ثلاثين طفلاً وشاباً تتراوح أعمارهم بين تسع سنوات إلى ثلاثين سنة، ورغم بعض المقولات التي تتحدث عن قصر أعمارهم، فإنني أؤمن بأن وجودهم في حياتنا هو بركة وسعادة.”
قصص نجاح أبطالها أطفال “الداون”
وثّق أعضاء المؤسسة من أطفال وشباب “الداون” قصص نجاح مميزة كانوا هم أبطالها، حيث شكلت هذه المبادرات عائداً ربحياً يعتمدون عليه جزئياً، وقد تميزت هذه المشاريع بالصدق والمحبة مما حقق تفاعلاً إيجابياً كبيراً من المجتمع.
يقول السيد كيالي: “استطعنا إدخالهم إلى سوق العمل في عدة مجالات، حيث تمكنّا من تشغيل راما الجاسم، البالغة من العمر 25 عاماً، في أحد محلات الحلاقة النسائية، وحققت نجاحاً ملحوظاً، حيث أصبحت السيدات يطلبنها خصيصاً لما تتمتع به من مهارة وابتسامة نابعة من روحها الطيبة”.
ومن قصص النجاح أيضاً، يذكر كيالي الشاب محمد قلعية، البالغ من العمر 33 عاماً، والذي يعمل منذ أكثر من سنة ونصف في محل لبيع الألبسة، ويؤدي مهامه كأي موظف آخر، لكنه يتميز بمحبة الزبائن وتفاعلهم الإيجابي معه، حيث أصبح شخصية معروفة بين الزوار الذين يحرصون على التقاط الصور معه، وقد تم توثيق قصته في فيديو بعنوان “قصة نجاح”.
مبادرات مبتكرة وتطلعات لمستقبل أفضل
أطلقت المؤسسة عدة مشاريع وأفكار جديدة أتاحت للأطفال فرصاً مميزة لدخول مجالات متنوعة، إلا أن التطلعات المستقبلية تتجه نحو تحقيق شراكات حقيقية لإنجاز مشاريع طويلة الأمد تضمن استمرارية الدعم لهذه الفئة.
وفي هذا السياق، يوضح كيالي: “نحن نطمح إلى مشاريع دائمة لا تقل مدتها عن سنة أو سنة ونصف، بحيث توفر تمويلاً مستداماً للأطفال، لكن غالبية المشاريع الحالية للأسف لا تتجاوز بضعة أشهر، وهو ما يحد من تأثيرها.”
من أبرز المبادرات التي لاقت نجاحاً واسعاً، مسابقة “انتخاب ملكات الجمال” التي شاركت فيها 15 فتاة من متلازمة داون، إلى جانب عروض الأزياء، ومبادرة النظافة التي تضمنت توزيع الملصقات التوعوية ومواد تعقيم اليدين.
كما شارك الأطفال في عروض خيال الظل داخل المدينة القديمة، ونظموا زيارة إلى مشفى سرطان الأطفال حيث قدموا الورود والهدايا للأطفال المرضى ورسموا البسمة على وجوههم.
ورغم كل هذه الجهود، لا يزال أطفال “الداون” يعانون من التهميش المجتمعي إلى حد كبير، حيث يظل الدعم المقدم لهم دون المستوى المطلوب، ما يفرض الحاجة إلى تسليط الضوء عليهم بشكل أكبر وتوفير الرعاية اللازمة لهم لضمان مستقبل أفضل.