سجائر “1970”.. لعبة تجارية لماهر الأسد أفرغت جيوب المدخّنين في سوريا

شارك

جسر – (علي الأحمد)

لطالما كانت سوريا بمثابة “المزرعة الكبرى” لعائلة الأسد ونظامهم، حيث كانت القوانين تطبق لخدمة مصالحهم فقط. ومع ازدياد أعداد المدخنين في سوريا، الذين باتوا يُقدرون بالملايين من الرجال والنساء والأطفال، وجد نظام الأسد فرصة لاستغلال هذا الطلب الهائل بأبشع الطرق عبر الاحتكار والجشع.

بداية رحلة سجائر “1970”

في عام 2012، بدأت علامات اختفاء أنواع السجائر المستوردة الشهيرة مثل “كينت”، “وينستون”، و”مالبورو” من الأسواق السورية، تحت ذريعة منع الاستيراد. لكن الحقيقة كانت أن ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة دبابات، خصّص الاستيراد لعدد من التجار المقربين منه. هؤلاء طرحوا السجائر المستوردة بكميات محدودة وأسعار خيالية، حيث ارتفعت أرباحها بنسبة تجاوزت 300%.

تزامن ذلك مع دخول سجائر “1970”، وهي علامة تجارية جديدة أطلقها ماهر الأسد عبر المؤسسة العامة للتبغ (المعروفة بـ”الريجة”)، إلى الأسواق كبديل قسري عن السجائر المستوردة. اعتمدت المؤسسة في تصنيعها على محصول التبغ السوري، الذي كانت تشتريه من المزارعين بأسعار زهيدة، بينما كانت تُصدره بأسعار مرتفعة بسبب جودته.

احتكار السوق وقمع التجار

فرض النظام سياسة صارمة لإجبار التجار على بيع “1970”. مكاتب “مكافحة الريجة” أو ما يُعرف بـ”المكتب السري” كانت تُداهم المتاجر وتصادر أي سجائر مستوردة، مع فرض غرامات تصل إلى 400% من قيمة المضبوطات، بالإضافة إلى تهديدات بالسجن والمحاكمات الطويلة.

لاحقًا، تم تقنين طرح سجائر “1970” في الأسواق، حيث أصبحت تُوزع بكميات قليلة جداً عن طريق وكلاء محددين في كل محافظة. قاد هذه العملية ماهر الأسد بالتعاون مع شخصيات مقربة مثل خالد قدور وحامد حسن، وأبو علي خضر الملقب “أبو علي الجاجة” في إشارة إلى مهنته الأصلية ببيع الدجاج، إلى أن أصبح الدخان يوزع بحصة محدودة لكل رئيس باعة، مع إجباره على بيع أصناف غير مرغوب فيها بسبب رداءتها وانتهاء صلاحيتها.

تهريب السجائر واستغلال العملة الصعبة

في خطوة أكثر جشعاً، أوعز ماهر الأسد بتصدير السجائر المحلية إلى لبنان بالدولار بدلاً من بيعها بالليرة السورية داخل سوريا. وبعد ذلك، كانت السجائر تهرب مجددًا إلى سوريا عن طريق محافظتي حمص وطرطوس، ليعاد بيعها بأسعار مرتفعة.

ضباط الفرقة الرابعة أقاموا حواجز خاصة على الطرق الحدودية، كانت مهمتها فرض “رسوم إضافية” على المهربين، تُعرف محليا بحواجز “التعفيش”، وقد أشار أحد الجنود (س.و) في إفادة لصحيفة “جسر” إلى أنه كان مجبراً على تسليم مليون ليرة يومياً لضباط الحاجز، ويقول: “كنت أداوم على حاجز جسر بغداد، وكل يوم عندي نوبة واحدة لمدة ٨ ساعات، وفي آخر نوبة الحرس كان مفروضاً علي تسليم الضابط مليون ليرة سورية، وإذا لم أتمكن من جمعها كنت أتعرض للعقوبة”.

بعد سقوط النظام

مع سقوط نظام الأسد وفرار رموزه، انهارت شبكة الاحتكار التي كانت تسيطر على سوق السجائر في سوريا. اليوم، تُباع سجائر “1970” المتراكمة في المستودعات بسعر لا يتجاوز 40 ألف ليرة سورية للكروز الواحد، مقارنة بـ100 ألف ليرة في عهد النظام.

هذه الأرقام تكشف حجم الأرباح التي جمعها النظام من تجارة السجائر وحدها، قبل أن تأتي الحرية لتُنهي رحلة الجشع، وتغرق السفينة التي أبحرت بها “1970”، بينما هرب قبطانها إلى غير رجعة.

شارك