جسر – طرطوس (نهى قنص)
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تثقل كاهل العديد من العائلات السورية، ظهرت مبادرات مجتمعية تسعى لسد الفجوات وتقديم المساعدة لمن هم في أمسّ الحاجة. وفي طرطوس تحديداً برز فريق “سند” التطوعي في منطقة القدموس، كحركة إنسانية يقودها متطوعون من مختلف المجالات، بهدف تأمين الأدوية والمساعدات الطبية للمحتاجين، في مبادرة شارك بها الأطباء والصيادلة والحقوقيين والعمال والطلاب.
أوضحت الصيدلانية لبانة حمود منسقة الفريق الطبي، لصحيفة “جسر”، أن المبادرة بدأت مع مطلع العام الحالي، كرد فعل على الظروف المعيشية الصعبة. وانطلقت حملة لمساعدة العائلات الفقيرة في تأمين الخبز، لتتوسع لاحقاً وتشمل تقديم الأدوية للمرضى المحتاجين، وذلك بالتنسيق مع الأستاذ محمد حمود، مؤسس فريق “سند” التطوعي.
وتحدثت حمود عن الفريق، المكوّن من شباب متطوعين من مختلف القرى والقطاعات، من بينهم حقوقيون، طلبة جامعيون، أطباء، وصيادلة. يتولى الفريق التحقق من الحالات الصحية للمرضى، وتوفير الأدوية المناسبة، وإيصالها إلى منازلهم. كما يضم الفريق مجموعة من الصيادلة المتطوعين الذين يعملون على فرز الأدوية والتأكد من عياراتها وترتيب توزيعها.
الأولوية حسب الحاجة
يتم تحديد المستفيدين وفق معايير دقيقة:
– العائلات التي ليس لديها أي مصدر دخل.
– العائلات التي تضم أفراداً قادرين على العمل لكن لديهم حالات صحية حرجة.
– الأسر التي تواجه ظروفاً استثنائية تمنعها من تأمين احتياجاتها الأساسية.
– الحالات الصحية الطارئة، مثل مرضى ارتفاع الضغط الذين يحتاجون إلى دواء إسعافي.
وبدأت المبادرة بمساهمة من جروب صيادلة القدموس، وتوسعت لاحقاً لتشمل صيادلة من طرطوس، حيث تم التعريف بالمبادرة من خلال منصات التواصل الاجتماعي. وتركز الجهود على تأمين الأدوية المزمنة مثل أدوية القلب، الضغط، السكري، ومرضى الأورام، كما تم توجيه جزء من التبرعات لتغطية أدوية تُصرف دون وصفة طبية، لتوفيرها لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.
مئات المستفيدين
بلغ عدد الحالات المسجلة حتى الآن 470 حالة، فيما وصل عدد المستفيدين إلى 290 مريضاً. يتركز النشاط في منطقة القدموس وريفها، نظراً لوجود المتطوعين القادرين على تأمين الدواء وإيصاله إلى المرضى.
وأكدت لبانة حمود استعداد الفريق للتعاون مع أي مجموعة أخرى تعمل في مناطق مختلفة لتوسيع دائرة المستفيدين، واعتبرت أن أهمية المبادرة لا تكمن فقط في تقديم المساعدات الدوائية، بل في إشراك الشباب في العمل التطوعي وتعزيز التكافل الاجتماعي.
ولفتت أن التعامل المباشر مع منسقي المناطق يحافظ على خصوصية المستفيدين، مع ضمان متابعة حالتهم الطبية من قبل مختصين.
المسؤولية كبيرة والثقة عالية
أكد علي علي، متطوع ومنسق في قرية النواطيف، أن الفريق يتحمل مسؤولية كبيرة في تقييم الحالات وتحديد الأولويات، رغم التحديات المادية التي يعاني منها أغلب سكان المنطقة. وأوضح أن العمل قائم على الشفافية لضمان وصول المساعدات إلى الأكثر حاجة.
من جهتها، أشارت الصيدلانية يارا ميهوب إلى أن المبادرات التطوعية تلعب دوراً حيوياً في دعم الفئات الأكثر ضعفاً، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مؤكدة أن توفير الأدوية يساعد المرضى على متابعة علاجهم دون أعباء مالية إضافية، مما يعزز التعاون والمواطنة بين أفراد المجتمع.
وتأمل ميهوب أن يتم تطوير المبادرة وتوسيعها بدعم أكبر من الجهات المختصة، خاصة مع إعادة هيكلة نقابة صيادلة سوريا. وأعربت عن أملها في أن تتبنى النقابة مثل هذه الجهود، وتدعمها بالتعاون مع شركات الأدوية والمستودعات الدوائية، لضمان استمرارية المبادرات الإنسانية وزيادة عدد المستفيدين، لا سيما مرضى الأورام وكبار السن المحتاجين إلى رعاية دائمة.
ورغم التحديات الكبيرة ونقص الموارد، يؤمن فريق “سند” بأن كل ما يُقدَّم بحب وإنسانية يعود ببركة أكبر، ويبقى الأمل في أن تتوسع المبادرة لتشمل مناطق أخرى، لتكون عوناً لكل محتاج بأي محافظة سورية، في هذه المرحلة الصعبة.