جسر – عبد الله الحمد
في مدينة طرطوس القديمة، وعلى أرصفة الكورنيش البحري، أقامت مؤسسة الدفاع المدني السوري معرضاً في الهواء الطلق إحياءً لذكرى زلزال السادس من شباط المدمر عام 2023، حيث عرضت فيه صوراً توثق الاستجابة لكارثة الزلزال، وجهود الفرق خلال عمليات البحث والإنقاذ وانتشال الضحايا.
وعكست الصور المعروضة مأساة الزلزال بأدق تفاصيلها، إذ تروي لحظات الألم والأمل التي مر بها المتضررون، وتستعرض قصص البحث والإنقاذ التي خاضها متطوعو الخوذ البيضاء بشجاعة وإصرار.
حميد قطيني، وهو متطوع في الدفاع المدني السوري، قال في حديثه لـ”جسر” إن “الهدف من إقامة هذا المعرض هو استذكار الضحايا ومساندة أهلهم وذويهم من الناجين”، مشيراً إلى أن “بعضهم لا يزال يعاني من آثار الزلزال حتى اليوم، وما زالوا بحاجة إلى المأوى والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تعويض عن الخسائر الفادحة التي تكبدها الكثيرون نتيجة لهذه الكارثة المؤلمة”.
زلزال جاء في وقت صعب
على الرغم من مرارة الألم الذي خلفه الزلزال، إلا أن السوريين يستذكرون مآسي كثيرة وكبيرة، لا سيما أن الكارثة أسفرت عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص في كافة أنحاء سوريا.
محمد حسن، أحد زوار المعرض، أكد لـ”جسر” أن الزلزال أتى في وقت صعب جداً، حيث زاد من المعاناة القائمة، موضحاً أن “أزمة المهجرين كانت مأساة كبرى بحد ذاتها، وجاءت أزمة الفارين من شبح الزلزال لتفاقم الأوضاع الإنسانية سوءاً، مما أضاف للأهالي ألماً فوق ألم”.
الاستجابة لكارثة الزلزال
منذ اللحظات الأولى لوقوع الكارثة، سارعت فرق الدفاع المدني السوري إلى تنفيذ خطة عمل شملت ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: الاستجابة الطارئة، والتي انتهت بانتهاء عمليات البحث عن ناجين وانتشال جثامين الضحايا.
المرحلة الثانية: فتح الطرقات وتأمين الأبنية والجدران المهددة بالانهيار للحفاظ على أرواح المدنيين، إضافةً إلى تسهيل عمليات الاستجابة للطوارئ وإعادة فتح شرايين الحياة التي أغلقتها الأنقاض.
المرحلة الثالثة: إزالة الأنقاض، والتي مثلت خطوة نحو إنعاش المجتمعات المتضررة، واستعادة البنية التحتية لتمكين السكان من إعادة بناء حياتهم من جديد.
علي قيقوم، مسؤول المكتب الإعلامي في الدفاع المدني السوري، صرح لـ”جسر” قائلاً: “نعيش اليوم الذكرى الثانية لهذه الكارثة، ونستذكر الضحايا الذين فقدناهم”، مؤكداً أن الدفاع المدني السوري تمكن من إنقاذ قرابة 4500 شخص خلال عمليات الاستجابة.
وأشار قيقوم إلى أن فرق الدفاع المدني لا تزال حتى اليوم تساعد العائلات المنكوبة، وتسعى لمواجهة التحديات والصعوبات من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للمتضررين.
المعرض.. شهادة على المأساة ورسالة تضامن
يبقى هذا المعرض تذكيراً صارخاً بحجم المأساة التي عاشها السوريون قبل عامين، ورسالة واضحة للعالم بأن المعاناة لم تنتهِ بعد، وأن الحاجة إلى التضامن والمساندة لا تزال مستمرة، خاصة في ظل عمليات إعادة الإعمار لما خلفه النظام البائد من دمار.
هذا الحدث ليس مجرد معرض فني، بل هو شهادة حية على معاناة آلاف السوريين ورسالة تضامن مع الضحايا وعائلاتهم، في الذكرى الثانية لهذه الكارثة الإنسانية الكبرى.