مثيرة للجدل.. “المركزي” يصدر ضوابط جديدة لتنظيم شركات الصرافة

شارك

جسر – نهى قنص

في خطوة تهدف إلى تنظيم القطاع المالي وضبط سوق الصرافة، أصدر مصرف سوريا المركزي إجراءات جديدة تلزم شركات الصرافة العاملة في إدلب وريف حلب بتسوية أوضاعها وفق القوانين المعمول بها لباقي المكاتب المرخصة. وتشمل هذه الإجراءات متطلبات ترخيص صارمة وعقوبات على المخالفين، ما أثار جدلاً واسعاً بين أصحاب شركات الصرافة والخبراء الاقتصاديين.

وبينما يرى البعض في القرار وسيلة لحماية السوق من المضاربة والتزوير، يخشى آخرون من تأثيره السلبي على أصحاب المكاتب الصغيرة والاقتصاد المحلي.

إجراءات الترخيص

حدد المصرف المركزي 5 متطلبات رئيسية يجب على الشركات استيفاؤها للحصول على الترخيص، من بينها:

– تقديم المؤسسات الراغبة في توفيق أوضاعها بطلب ترخيص وفق النموذج المعتمد.
– إيصال بتسديد نفقات التحقق والدراسة المحددة إلى صندوق مصرف سوريا المركزي.
– القيام بكل الإجراءات وتقديم الوثائق التي تطلبها مديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف سواء من الملفات التي تم على أساسها – منح الترخيص للمؤسسة المعنية ابتداءً أو أي وثائق تراها لازمة لمتابعة عملية منح الترخيص المبدئي وفق أحكام هذا القرار.
– تقديم طلب فتح حساب بالدولار الأميركي، باسم المؤسسة المعنية، لدى مصرف سوريا المركزي.
– إشعار بإيداع مبلغ مليون وربع المليون دولار أميركي على الأقل في الحساب المفتوح باسم المؤسسة المعنية بالدولار الأميركي، ويعتبر المبلغ جزءاً من رأسمال المؤسسة المدفوع.

عقوبات المخالفين

تمنح مؤسسات الصرافة المعنية والملتزمة بأحكام القرار ترخيصاً مبدئياً لمزاولة أعمالها، على أن تنتهي مفاعيل الترخيص عند منح الترخيص النهائي أو انتهاء المهلة التي سيتم تحديدها لإتمام إجراءات توفيق أوضاعها ومنحها الترخيص النهائي بحسب الأصول.

وينص القرار على أن عدم الامتثال لهذه الإجراءات سيؤدي إلى اعتبار المؤسسة غير مرخصة قانونياً، ما قد يعرضها لعقوبات قانونية تشمل وقف النشاط وسحب التراخيص وفق القوانين النافذة.

القرار يخلق جدلاً واسعاً في السوق

في تعليقه على تبعات القرار، قال السيد عمار العبد (أبو سعيد)، صاحب محل لتصريف العملات متنقل بين حلب ودمشق، إن هذا القرار مفيد وهدفه تنظيم عمل الصرافة بحيث يكون حصراً لأصحاب الرخص، مضيفاً: “هالشي أولاً بيمنع التعامل لغير لذوي الخبرة، ثانياً بيمنع الناس تتعامل وينضحك عليها للعملة المزورة، ومتل هيك قرار بينظم أمور الصرافة يلي بيعود بالنفع على المواطن والدولة والصراف كمان.”

في حين بيّن أبو وائل، وهو صاحب بسطة صرافة، أن القرار الأخير الذي تم فرضه من قبل المركزي يتضمن مبالغ كبيرة جداً، وأنه بانتظار التعليمات التنفيذية للقرار.

أما السيدة منار، وهي موظفة في البنك المركزي، فقد أكدت أن “هذا القرار يجعل أصحاب شركات الصرافة يجمعون الدولار الموجود بالسوق ويودعونه في المركزي، مما يؤدي إلى رفع سعر السوق السوداء إلى سعر موازٍ لسعر المركزي”.

بدوره، نوه مهند سليمان، الموظف في وزارة المالية، إلى أن التعليمات التنفيذية ستصدر قريباً، وستوضح المبهمات في القرار، مؤكداً أن أصحاب المكاتب والشركات الصغيرة لن يعاملوا مثل أصحاب الشركات الكبرى.

أما علاء، فقد تحدث بنفاذ صبر قائلاً: “لسا كل واحد مسك ألف دولار صار بدو يفتح شركة أو (بسطة) صرافة! يا ريت كل شركات الصرافة تحمل ترخيص وحاج يتلاعبو بالبشر.. هيك السوق السودة رح يتقارب سعرها مع المركزي، وهاد التنظيم بسهل عمليات التحويل بأسعار أكتر عدالة، وبيمنع التزوير وبحقق استقرار السوق.”

تأثير الإجراءات على شركات الصرافة ومحلات تصريف العملة

أكد الخبير في سياسات البنوك المركزية والمصارف، د. جلال قناص، أن تنظيم أعمال الصرافة والقوانين الصادرة يقللان من تقلبات سعر الصرف لأنه يحدّ من المضاربة والفوضى في السوق، مشيراً إلى أن “مثل هذه القوانين يمكن أن تكون خطوة إيجابية لتحقيق استقرار نقدي ومالي”.

وشدد على أن “القرار يحتاج إلى سياسات داعمة لضمان توفر النقد الأجنبي في البنك المركزي عبر قنوات مصرفية قانونية، لمنع خلق فجوة كبيرة بين السوق الرسمية والسوق غير الرسمية”.

وأوضح د. قناص أن الشركات المرخّصة ستستفيد من تقليل المنافسة العشوائية، مما يزيد من حصتها السوقية، حيث ستواجه المحلات غير المرخصة تحديات قانونية، ما يؤدي إلى خروجها من السوق أو تحولها للعمل بشكل قانوني، وهذا سيؤدي بالضرورة إلى انخفاض عدد نقاط تصريف العملة، الأمر الذي قد يخلق بعض التحديات للعملاء، خاصة في المناطق التي تعتمد على المكاتب الصغيرة.

هل يمهد القرار لمنع التصريف العشوائي؟

أجاب الخبير الاقتصادي قائلاً: “نعم، من المحتمل أن تكون هذه خطوة في سبيل ضبط سوق الصرافة، والتأكد من أن عمليات تصريف العملة تتم عبر قنوات قانونية ورسمية، ما يحدّ من المضاربة.”

وشدد د. قناص على أنه “إذا تم تشديد الرقابة وتقييد القنوات غير الرسمية بشكل فعال، فقد تقل الفجوة بين السعرين، لكن إذا بقي الطلب على العملات الأجنبية مرتفعاً دون توفير عرض كافٍ بالسعر الرسمي، فقد تستمر السوق السوداء بفارق سعري”.

وبينما يرى البعض في قرار المصرف المركزي ضرورة تنظيم العمل لضبط سعر الصرف ومحاربة التزوير، يطالب آخرون بتعديلات عليه لتجنب التأثيرات السلبية على الاقتصاد المحلي وحقوق الصرافين.

شارك