جسر – درعا (عبد الله الحمد)
يزداد واقع التيار الكهربائي سوءاً يوماً بعد يوم في محافظة درعا، ويعاني الأهالي، خصوصاً في فصل الشتاء، من انقطاعه المستمر لساعات طويلة، حيث لا يتم حتى الالتزام بنظام التقنين المحدد، ففي بعض المناطق، قد تستمر ساعات الانقطاع لأكثر من 20 ساعة يومياً، بينما تعمل الكهرباء لأوقات قصيرة لا تتجاوز بضع دقائق أحياناً.
يؤثر انقطاع التيار الكهربائي بشكل مباشر على حياة الأهالي، إذ يعيق حصولهم على الخدمات الأساسية مثل ضخ المياه وتشغيل المدافئ والأجهزة المنزلية. كما أنه يؤدي إلى شلل في الحركة التجارية، حيث أعرب عدد من التجار عن استيائهم من التقنين القاسي، الذي تسبب في تراجع النشاط الاقتصادي وإلحاق خسائر كبيرة بأعمالهم.
اعتداءات تخريبية تزيد الوضع سوءاً
ذكرت الشركة العامة لكهرباء درعا عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك أن شبكة الكهرباء تعرضت لاعتداءات تخريبية، تمثلت في سرقة خطوط كهربائية بجهد 400 ك.ف، مما أدى إلى سقوط مرس على الخلايا في محطة تحويل الشيخ مسكين، وتسبب ذلك في احتراق إحدى المحولات المساعدة، مما أدى إلى عدم استقرار التيار الكهربائي في المحافظة.
كما سجلت الشركة حادثة سرقة مرس بطول 2.5 كم (2500 كغ)، يربط بين محطة غزالة ومحطة المسيفرة، مما أدى إلى تفاقم أزمة الكهرباء في المنطقة.
ودعت الشركة المواطنين إلى الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة قد تستهدف المرافق العامة، حفاظاً على أمن الطاقة واستمرارية الخدمة الكهربائية، مؤكدة أنها ستعمل جاهدة على إصلاح الأضرار بأسرع وقت ممكن، كما سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة الفاعلين وضمان عدم تكرار هذه الحوادث.
معاناة الأهالي والتجار بسبب انقطاع الكهرباء
ويعيش سكان درعا في ظروف صعبة بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، مما أثر على مختلف جوانب حياتهم اليومية.
يقول أبو محمد، أحد سكان المدينة، في حديث لصحيفة “جسر”: “نحن نشعر بالبرد والظلام والعزلة، نعاني من انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي، مقابل وصلها لأقل من ساعة. هذا الأمر انعكس سلباً على حياتنا اليومية، فنحن بحاجة إلى الكهرباء لضخ المياه، ولتشغيل المدافئ والغسالة والإنارة، وحتى الاتصالات باتت مرتبطة بوجود التيار الكهربائي.”
أما أم كنان، وهي متقاعدة، فتؤكد أنها لا تستطيع توفير الوقود أو الغاز لتدفئة منزلها أو طهي الطعام لأنها مواد غالية الثمن، مشيرةً إلى أنها تعتمد على الكهرباء كمصدر رئيسي للطاقة، وأن غياب الكهرباء لساعات طويلة يكلف مصاريف إضافية لا تحتملها، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
أحد أعضاء لجان الأحياء، الذي فضل عدم ذكر اسمه، طالب الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المحلي والمغتربين بالمساعدة في تركيب إنارة تعمل على الطاقة الشمسية لإنارة الحارات والشوارع في المدينة. وأوضح أن إنارة الشوارع تساعد في تحسين الأمان والتنقل ليلاً، كما تساهم في دعم الحركة التجارية التي تعاني من شلل بعد غياب الكهرباء، خاصة في فصل الشتاء.
ولا تقتصر معاناة السكان على غياب الإنارة والتدفئة، بل تسبب انقطاع الكهرباء بتلف العديد من الأجهزة الكهربائية نتيجة التغير المفاجئ في الجهد الكهربائي عند عودة التيار.
تقول أم حسن، وهي ربة منزل: “تعطلت الغسالة منذ أيام نتيجة عطل كهربائي كما أبلغنا عامل الصيانة، وأضيف إلى معاناتي عبء غسل الملابس يدوياً، لأن تصليح الغسالة مكلف وليس لدينا دخل يغطي مصاريف طارئة”.
من جانبه، أوضح المهندس أبو رامي، وهو فني صيانة أجهزة كهربائية، أن هناك ضعفاً شديداً في التيار الكهربائي بسبب قدم المحولات الكهربائية، مما يؤدي إلى تلف المحركات. وأكد أن لديه عشرات الأجهزة المعطلة يومياً، خاصة الغسالات والبرادات، وأن معظم أصحابها لا يستطيعون دفع تكاليف الصيانة إلا بعد أسابيع بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.
أما المهندس الكهربائي محمد المحمد، فقد أرجع سبب تعطل الأجهزة إلى أن الأهالي عندما تصل الكهرباء، يقومون بتشغيل جميع الأجهزة المنزلية دفعة واحدة، مثل المكيفات والغسالات والبرادات والمدافئ، مما يشكل ضغطاً هائلاً على الشبكة، فينخفض الجهد الكهربائي من 250 فولط إلى 140 فولط، وأحياناً 100 فولط، مما يؤدي إلى تعطل الدارات الكهربائية داخل الأجهزة.
احتياجات درعا من الكهرباء والحلول المطروحة
بحسب مصادر مطلعة، فإن مخصصات محافظة درعا من الكهرباء تتراوح حالياً بين 50 – 60 ميغا واط يومياً، في حين تبلغ حاجتها في فصل الشتاء حوالي 450 ميغا واط يومياً، مما يبرز حجم النقص الكبير الذي تعاني منه المحافظة.
وتسعى الحكومة السورية في الإدارة الجديدة للعمل على حل مشكلة الكهرباء التي باتت تؤرق حياة السوريين وتنغصها، ولكن حتى الآن، لا توجد حلول سريعة تلوح في الأفق، ويبقى الأهالي في انتظار إجراءات ملموسة تنقذهم من هذه الأزمة المستمرة.