جسر – دمشق (عبد الله الحمد)
يعاني سكان مدينة دمشق من مشكلة انقطاع المياه وضعف الضغط وقت الضخ منذ قرابة 20 يوماً، دون حل أو إجابات مقنعة من الجهات المسؤولة. وما يزيد من الأزمة هو انقطاع التيار الكهربائي أثناء فترة الضخ، مما يجعل تعبئة الخزانات أمراً صعباً ومكلفاً للأهالي.
يقول أبو فهد، أحد قاطني حي برزة، إن “ضخ المياه ضعيف، وأحياناً حتى مع استخدام الموتور لا نستطيع تعبئة الخزان، مما يدفع السكان للاستعانة بصهاريج المياه لتعبئة الخزانات التي لا تكفي للاستخدام اليومي لأكثر من يومين”.
ارتفعت أسعار تعبئة المياه بالصهاريج، إذ وصل سعر صهريج (سعة 10 براميل) إلى 100 ألف ليرة سورية في حال توفره، ويوضح أبو طارق، أحد قاطني حي العباس، أنه “تم تجربة كافة الوسائل لتأمين المياه، وأنه في بداية الموسم الشتوي كانت المياه تأتي بصورة مقبولة حتى دون كهرباء، أما اليوم فالوضع يستدعي تعبئة الصهاريج مما يضيف أعباء مالية إضافية”.
معوقات ترفع أسعار المياه
بظل هذه الأزمة التي تشهدها احياء العاصمة في هذه الأيام أكد علي محمد (صاحب صهريج مياه) بحديثه لصحيفة “جسر” أن سبب ارتفاع سعر صهريج المياه كونهم يضطرون للوقوف على دور تعبئة المياه من الساعة الرابعة صباحاً، بالإضافة إلى سعر المازوت المرتفع نسبياً رغم انخفاض سعره بعد سقوط النظام لأننا في موسم الشتاء والطلب متزايد على المادة، موضحاً أن عدم استجابة أصحاب الصهاريج أحياناً للسكان لعدم توفر المياه الكافية لتغطية كل المناطق، وأن سوق ريف دمشق أقوى وله زبائن دائمة كونها مشكلة قديمة هناك.
وأشارت أم محمد وهي ربة منزل إلى أن أصحاب الصهاريج موزعين حسب المناطق، وهذا يجعل التكاليف أعلى عند طلب صهريج بحالة طوارئ كونه يأتي من مناطق أخرى، مضيفةً “لم نعد نستبعد أن هناك اتفاق ما بين مؤسسة المياه وأصحاب الصهاريج، لأنه في أغلب الأحيان عند انتهاء الصهاريج من التعبئة بالمنطقة يقومون بضخ المياه”، حسب رأيها.
والجدير ذكره أن أحياء دمشق استقبلت خلال سنوات الحرب الكثير، ما تسبب بضغط على مضخات المياه والشبكات الكهربائية في العاصمة.
التقنين لا يتوافق مع أوقات وصل الكهرباء
تعيش عدة مناطق في دمشق أزمات مياه متقطعة منذ سنوات، حيث يعتمد نظام التقنين على دور المياه، لكنه يواجه مشكلة في ضخ المياه بقوة كافية للوصول إلى خزانات السكان والمحلات التجارية، ويزداد الوضع تعقيداً بسبب تقنين الكهرباء غير المتوافق مع تقنين المياه، كما تعاني بعض الآبار المستخدمة لدعم مياه عين الفيجة التي تغطي قسماً كبيراً من أحياء دمشق والغطاسات من تعطل مستمر، ما يفاقم مشكلة توفير المياه، ووفق تصريحات سابقة لمدير مؤسسة المياه والصرف الصحي السابق، فإن الاحتياج الأسبوعي للعاصمة يصل إلى 70 ألف متر مكعب.
وكان رئيس حكومة النظام الأسبق حسين عرنوس أشار إلى أن هناك مشروع استقدام المياه المحلاة من البحر إلى العاصمة دمشق هو أحد المشروعات الاستراتيجية لتأمين مياه الشرب للعاصمة في المستقبل، في حين وصف معاون مدير عام مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي السابق عصام الطباع واقع المياه في دمشق بالمقلق، ونسبة هطول الأمطار على حوض نبع الفيجة قليلة قياساً بالمنسوب الوسطي للهطول، واعتبر أن النسبة قليلة مقارنة مع الأعوام الماضية، كما أشار إلى أن الآبار الاحتياطية هي الحلول البديلة لنقص المياه في دمشق وريفها والمناطق التي تعاني من عجز مائي.
معاناة يومية وإرهاق جسدي ومادي
تقول أم مصطفى وهي تصف معاناتها بسبب أزمة المياه التي تعيشها حالياً: “لا نستطيع غسيل الملابس إلا مرة كل أسبوع ولدي أطفال صغار بحاجة إلى تغيير الملابس يومياً، إضافة إلى الاستحمام بشكل دائم الوضع لا يطاق، والحياة باتت أصعب، لانعرف ما الحل؟”.
في حين تؤكد مها وهي معلمة مدرسة، أنها تضع أكثر من نصف راتبها لشراء المياه، إضافة إلى المعاناة والسهر لأوقات متأخرة لتعبئة المياه إلى الخزان لأن فترة الوصل بين الكهرباء والماء لا تتزامن إلا في ساعات متأخرة ليلاً، ما يسبب قلة النوم والإرهاق والتعب خلال ساعات العمل أثناء فترة النهار، مشيرة إلى أنها تعبئ كل أدوات المنزل بالمياه تحسباً لعدم وصول الضخ الى الخزانات وتخفيفاً لمصاريف شراء المياه من الصهاريج.
الرد الرسمي عبر فيسبوك
المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في دمشق وعبر حسابها على فيسبوك قالت إنه “بالتعاون والتنسيق مع المجتمع والمجلس المحلي في قرية حفير التحتا قامت المؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها بإعادة تشغيل البئر رقم /5/ في القرية بغزارة 50م3/سا بعد تأمين محرك 75حصان لزوم تشغيله ما سيسهم في تحسين الواقع المائي فيها.
وقالت في منشور آخر إنه “لضبط الهدر وضمان وصول المياه للمستفيدين أنهت ورشات الطوارئ المركزية التابعة للمؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها إصلاح عطل طارئ على خط ضخ قطر 200مم في منطقة القابون طريق النهر حارة الحوارنة.. كما أنهت ورشات المنطقة الجنوبية إصلاح عطل على خط ضخ قطر 90مم في منطقة كفرسوسة مهايني، وفور الانتهاء من الإصلاحات أعيد ضخ المياه للمناطق المستفيدة”.
تظهر الأوضاع الراهنة أن الأزمة المائية في العاصمة ليست مشكلة فنية بحتة، بل تتداخل معها قضايا اقتصادية واجتماعية تؤثر سلباً على حياة المواطنين. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السوريون منذ بدء الحرب، يبقى التساؤل: هل تستطيع الحكومة الجديدة إيجاد حل حقيقي ومستدام لهذه الأزمة؟