ملف المقاتلين الأجانب في سوريا.. تحدٍّ معقد يواجه الحكومة الجديدة

شارك

جسر – عبد الله الحمد

تُطرح قضية المقاتلين الأجانب في سوريا كملف شائك ومعقد، يفرض نفسه على المشهد السياسي والأمني في البلاد، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتولي حكومة جديدة مقاليد الحكم.

وتزداد هذه القضية حساسية، في ظل الاضطرابات الأمنية التي شهدتها البلاد، وتورط بعض الفصائل التي تضم مقاتلين أجانب في انتهاكات مروعة، مثل الأحداث الدامية التي وقعت في منطقة الساحل في آذار الماضي.

مع إطلاق عملية “ردع العدوان” في ديسمبر/كانون الأول 2024، والتي أفضت إلى السيطرة على دمشق وإسقاط نظام الأسد، تصاعدت التساؤلات حول دور الفصائل التي شاركت في العملية، ومستقبل المقاتلين الأجانب في صفوفها.

وبعد قرار رئيس الجمهورية الانتقالي أحمد الشرع بحل الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي، زادت المخاوف بشأن قدرة الحكومة الجديدة على ضبط هؤلاء المقاتلين، خاصة مع غياب خطاب رسمي واضح حول كيفية التعامل معهم.

في الـ29 من كانون الأول الماضي، وفي إطار عملية بناء وهيكلة الجيش والقوات المسلحة السورية الجديدة، وتشكيل الأطر الواضحة لمفصلياته، نشرت القيادة العامة قائمة تضم عشرات أسماء الضباط الذين جرى ترفيعهم. ومن بين الترفيعات، ترفع ضابطان إلى رتبة لواء، أحدهما وزير الدفاع الحالي مرهف أبو قصرة، فيما تم ترفيع 5 ضباط آخرين إلى رتبة عميد، والبقية إلى رتبة عقيد.

وأثارت هذه القائمة جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والسياسية الداخلية والخارجية، إذ تضمنت أسماء ستة جهاديين عرب وأجانب، وقد جاء في المرسوم المنشور أن القرار اتخذ بناءً على مقتضيات العمل العسكري وتحقيقاً لأعلى معايير الكفاءة والتنظيم، ومن أجل تعزيز الثقة بقدرات الجيش العربي السوري بكل فئاته ومرتباته.

وتناقلت وسائل إعلام عربية وغربية تصريحات لمقربين من السلطة الجديدة في دمشق مفادها أن الجرائم التي ارتكبها النظام البائد هي التي أدت إلى الاعتماد على مقاتلين أجانب، مؤكدة ضرورة “مكافأة” هؤلاء المقاتلين على مساندتهم الشعب السوري، إذ إنهم أسهموا في إسقاط النظام، حسب رأيهم، ملمحين إلى إمكان منحهم الجنسية السورية في المستقبل.

وبناءً على ذلك، فإن الإدارة السورية تسعى إلى دمجهم في الجيش السوري الجديد، ونوهت السلطات إلى أن هناك خططاً لإخراجهم من الفصائل المستقلة ووضعهم تحت قيادة موحدة، معتبرة أنهم لا يشكلون خطراً على الدول الأخرى، وستتم معالجة أوضاعهم وتسويتها وفقاً للقانون.

ويستشهد أنصار فكرة الدمج بأمثلة كثيرة في عدة دول غربية وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا في مثل هذه التجارب.

من جهته، أشار وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في لقائه مع وكالة الصحافة الفرنسية بعد سقوط النظام إلى أن بناء المؤسسة العسكرية في البلاد قادم لا محالة، مشيراً إلى أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا قليلة، وأنهم ملتزمون بالسياسة العامة للبلاد، مؤكداً أن سوريا لن تشكل خطراً على أي دولة في هذا الصدد، إذ إن الحكومة السورية تسعى إلى علاقة متوازنة مع الدول العربية والأجنبية.

ولا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد المقاتلين الأجانب الذين شاركوا في القتال منذ أعوام إلى جانب فصائل الثورة السورية، حيث تتراوح التقديرات المتعلقة بهم حاليا ما بين 3 إلى 5 آلاف مقاتل بالإضافة إلى عائلاتهم.

وتفيد المعلومات المتوفرة في هذا الموضوع، إن هؤلاء ينحدرون من 18 دولة ومنطقة هي تونس والجزائر والأردن والمغرب ومصر والسودان وكوسوفو وألبانيا والشيشان والسعودية والجبل الأسود وصربيا ومقدونيا الشمالية وتركستان الشرقية وفرنسا وأوزبكستان وطاجكستان وأذربيجان.

ووفقاً لمعلومات متداولة، فإن المقاتلين القادمين من تركستان الشرقية كانوا هم الفصيل الأجنبي الأكثر تنظيماً.

وتبقى كل التكهنات بخصوص هذا الملف قائمة إلى وقت صدور بيان رسمي من السلطات السورية الجديدة، خاصةً في ظل ضغوط داخلية وخارجية باتجاه هذه المسألة الشائكة التي تؤرق السوريين أولاً، والكثير من الدول العربية والغربية، خصوصاً أنها من أهم أسباب التأني بالانفتاح على حكومة سوريا الجديدة ورفع العقوبات عنها.

شارك