100 و200 ليرة.. نقص السيولة يدفع “المركزي” لضخ الفئات النقدية الصغيرة

شارك

جسر – علي الأحمد

منذ سنوات، أصبحت العملة الورقية السورية عبئاً على حاملها بسبب الحاجة إلى حمل كميات كبيرة منها لإجراء عمليات الشراء والتداول، وحتى بعد إصدار الحكومة السورية السابقة بعهد النظام المخلوع، ورقة نقدية من فئة 5000 ليرة، لم يكن ذلك كافياً للتخفيف من هذا العبء، إذ تبع الإصدار موجة تضخم مباشرة أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

الأزمة الاقتصادية بعد سقوط نظام الأسد

منذ انتصار الثورة السورية وسقوط نظام بشار الأسد، تعاني البلاد من عجز اقتصادي واضح، ينعكس بشكل جلي في نقص السيولة بالمصارف السورية، حيث أصبحت عاجزة عن تمويل العمليات المالية، ما أدى إلى تأخير رواتب الموظفين وعجز المودعين عن سحب أموالهم. هذا الوضع يُعد انعكاسًا لسياسة نقدية انكماشية لها آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد، وسط حالة من القلق وعدم توفر أي بوادر لحل الأزمة في الأفق.

ولم يعلن المصرف المركزي السوري بشكل واضح عن وجود عجز في السيولة، كما لم تتوفر معلومات مؤكدة حول أي إجراءات لتغيير شكل العملة أو قيمتها، أو عن اتفاقيات لطباعة أوراق نقدية جديدة. ومع ذلك، يظهر أثر نقص السيولة في الأسواق بشكل متزايد، حيث تراجعت القدرة الشرائية لدى المواطنين نتيجة قلة النقد المتداول.

إعادة تداول الفئات الصغيرة من العملة

بسبب هذا النقص، لجأ المصرف المركزي إلى إعادة ضخ الأوراق النقدية من فئتي 100 و200 ليرة سورية، حيث بدأ بتسليم بعض العملاء مستحقاتهم بهذه الفئات. إلا أن هذا الإجراء لم يلقَ ترحيباً، إذ إن هذه الفئات كانت قد اختفت تقريباً من التداول، واعتُبرت عملياً منتهية الصلاحية. البعض رفض استلامها، بينما آخرون طالبوا بتوضيح رسمي من المصرف المركزي حول صلاحيتها.

وحسب مصدر خاص لصحيفة “جسر”، يعتزم مصرف سوريا المركزي تغذية المصارف العامة والخاصة في مختلف المحافظات بأوراق نقدية من فئات 100، 200، 500، و1000 ليرة، بحيث تصبح متاحة للسحب من قبل الزبائن الذين لديهم ودائع أو حوالات مصرفية.

مواقف المواطنين والتجار من العملة الصغيرة

أبدى عدد كبير من المواطنين رفضهم استلام مستحقاتهم المالية بهذه الفئات، نظراً لأنها تشكل عبئاً من حيث الحجم والوزن، حيث يتطلب الأمر حمل أكياس كبيرة من الأموال لإجراء عمليات شراء عادية. على سبيل المثال، فإن مبلغ 500 ألف ليرة سورية من فئة 500 ليرة يعادل حجم “بلوكة” من الأوراق النقدية، مما يجعل حملها ونقلها أمراً مرهقاً.

في المقابل، وافق بعض المواطنين على استلام هذه الفئات الصغيرة، متفهمين الوضع الاقتصادي الراهن، خاصة بعد تأكيد المصرف المركزي نيته طرح المزيد من هذه الفئات نظراً لنقص أوراق 2000 و5000 ليرة، حيث يتم تخصيص الأخيرة حالياً لتغذية الصرافات الآلية فقط.

التعاملات النقدية في الأسواق السورية

عبدالله الكردي، تاجر في سوق العصرونية بدمشق، يقول لصحيفة “جسر” إن “غالبية الصفقات الصغيرة والمتوسطة تتم عن طريق وزن الأوراق النقدية بدلاً من عدّها، نظراً للوقت الطويل الذي يستغرقه عدّ كميات كبيرة من الأموال”.

وأوضح أن “حمل أكياس من العملة السورية بات أمراً معتاداً، مما أثار سخرية الناس، خاصة في حالات شراء السلع مرتفعة الثمن مثل الأجهزة الكهربائية أو الأثاث، وكل هذا عندما كانت العملة الدارجة من فئة 2000 و 5000 ليرة سورية، فماذا سيحتاج المشتري ليحمل نقوده عندما ستكون من فئة الـ 200 ليرة؟”.

الأوزان الثقيلة للأوراق النقدية

بالمقارنة بين فئات العملات المتداولة، فإن أوزان رزم النقود تختلف بشكل كبير:

رزمة 500 ألف ليرة من فئة 5000 ليرة: 98 غراماً
رزمة 200 ألف ليرة من فئة 2000 ليرة: 100 غرام
رزمة 100 ألف ليرة من فئة 1000 ليرة: 97 غراماً
رزمة 50 ألف ليرة من فئة 500 ليرة: 102 غرام
رزمة من الفئات القديمة (1000 و500 ليرة): قد تصل إلى 140 غراماً

العملات النقدية خطر على حاملها

تحوّلت الليرة السورية إلى مصدر قلق وخطر على حاملها، فكلما زادت المبالغ المالية، احتاج الشخص إلى وسائل نقل كبيرة مثل الأكياس، الشوالات، أو حتى سيارات مخصصة لنقل النقود.

أمام هذه المخاطر، لا بد للجهات المعنية من التحرك بسرعة لإيجاد حلول لمشكلة السيولة والتمويل، إذ إن استمرار الأزمة النقدية بهذا الشكل لا يبشّر بأي تعافٍ اقتصادي قريب لسوريا.

شارك