السوريون المسيحيون يحتفلون بـ”عيد الفصح” لأول مرة بعد سقوط نظام الأسد

شارك

جسر – هبة الشوباش

وسط تغيرات سياسية عميقة وتطلعات نحو مستقبل أكثر سلاماً، احتفل مسيحيو سوريا هذا العام بعيد الفصح للمرة الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد، في مشهد حمل رمزية كبيرة تتجاوز الطقوس الدينية إلى إشارات واضحة على بداية مرحلة جديدة من الانفتاح والتسامح، تعكس آمال السوريين في تجنب السقوط بدوامة الانقسام الطائفي واستعادة النسيج الاجتماعي الذي لطالما شكّل هوية البلاد.

وشملت الاحتفالات هذا العام مختلف المحافظات السورية، بما فيها دمشق وحلب واللاذقية والسويداء، ومحافظات الجزيرة بشمال شرقي البلاد، حيث عمت أجواء الفرح الكنائس والشوارع، وسط مشاركة لافتة من المسلمين الذين بادروا إلى تهنئة جيرانهم المسيحيين، ما يؤكد الرغبة الشعبية الحقيقية في تجاوز آثار الحرب وبناء جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد.

في محافظة حوران، تجلت هذه الروح الوحدوية بشكل خاص، إذ شهدت الكنائس توافداً كبيراً من الأهالي لإحياء القداديس وتبادل التهاني بعبارة: “المسيح قام! حقاً قام!”، بينما اجتمعت العائلات لتحضير أطباق العيد التقليدية، مثل الكعك والمعمول واللحوم المشوية، وتزيين البيض، وهي عادات متجذرة تعبّر عن الفرح وتجدد الحياة.

ورغم الأجواء الإيجابية، لم تخلُ الاحتفالات من تحديات أمنية واقتصادية، فقد تم تأمين الكنائس بشكل مكثف من قبل قوى الأمن العام لضمان سلامة الطقوس، في وقت واجهت فيه الأجهزة الأمنية صعوبات مرتبطة بنقص الموارد نتيجة الأزمة الاقتصادية.

التوترات السياسية بعد سقوط النظام فرضت حالة من الحذر، خصوصاً في المناطق التي كانت بؤراً للنزاع سابقاً، كما سادت مخاوف من وقوع حوادث أمنية في مناطق الساحل السوري، نظراً لتصاعد العنف مؤخراً، ومع ذلك، فإن التعاون بين السكان المحليين وقوى الأمن لعب دوراً حاسماً في الحفاظ على سلامة الاحتفالات وانسيابيتها.

احتفالات عيد الفصح لهذا العام لم تكن فقط مناسبة دينية، بل بدت كرسالة رمزية من السوريين إلى العالم، بأنّ إرادة العيش المشترك أقوى من سنوات الحرب والانقسام، مع بدء انحسار التوترات الطائفية، تتجدد آمال الشعب السوري بمستقبل أكثر عدلاً وسلاماً، حيث يصبح العيد عيداً للجميع، والوطن بيتاً يتسع لكل أبنائه مهما اختلفت معتقداتهم.

شارك