“الشرع” يلتقي خبراء من “وادي السيليكون”.. آفاق جديدة للتعاون التكنولوجي

شارك

جسر – عبد الله الحمد

التقى رئيس الجمهورية أحمد الشرع في قصر الشعب وفداً من الخبراء السوريين الأمريكيين بوادي السيليكون في الولايات المتحدة الأميركية، فما هو “وادي السيليكون”، ومتى نشأ، وما هو دوره وعمله، وماهي أطر التعاون المستقبلية مع دمشق.

ما هو وادي السيليكون؟

ساهمت موجات الهجرة التي شهدتها أمريكا وخصوصاً من بلدان آسيا في خلق فورة جديدة بها في مجال تطوير التقنيات المتقدمة. وتستقطب شركات وادي السيليكون أفضل العقول وخبراء التكنولوجيا من شتى بلدان العالم، وينحدر 50% منهم من قارة آسيا التي تمثل وحدها 6% من العاملين في شركات الوادي.

تستعمل عبارة “وادي السيليكون” كناية عن التجمع الضخم لشركات التكنولوجيا الأميركية المتقدمة في هذه المنطقة، حيث يشمل الوادي المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا غربي الولايات المتحدة، والتي تضم منطقة “سانتا كلارا” بما فيها مدينة “سان خوسي” عاصمة الوادي. ويمتد على مساحة 110 كلم مربع، ويشمل 28 مدينة وأربع مقاطعات، ويقطنه 2.5 مليون نسمة.

يعتبر وادي السيليكون منطقة استثمارية تقنية أميركية وعاصمة التقنية في العالم لاستضافته المقرات الرئيسية لآلاف الشركات العملاقة العاملة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، ومنها تنطلق مشاريع وأفكار عملاقة وخطط وأبحاث مستقبلية تقنية.

نشأة وادي السيليكون

ظهرت هذه التسمية عام 1971 في سلسلة مقالات للكاتب دون هويلفر في مجلة متخصصة في مجال الإلكترونيات، في حين تربط أغلب الروايات التسمية باحتواء الوادي على عدة صناعات مرتبطة بمادة السيليكون، التي اختُرع منها “الترانستور” على يد الأميركي ويليام شكلي في نهاية أربعينيات القرن العشرين، حيث تستخدم المادة في الشرائح الإلكترونية التي تدخل في مختلف الصناعات التكنولوجية.

بدأ مشروع هذا الوادي استجابة للحاجة إلى وجود مرافق بحوث ناجحة في الساحل الغربي للولايات المتحدة خلال الثلاثينيات، حيث شجع فريديريك إيمونز تيرمان (أستاذ الهندسة في جامعة ستانفورد) طلابه على إنشاء شركاتهم الخاصة في هذه المنطقة. واستطاع تيرمان أن يقنع اثنين من طلابه وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد بالبقاء في المنطقة بعد تخرجهما، وأنشأ الاثنان شركتهما الخاصة في مرآب صغير، لتصبح لاحقاً إحدى أكبر الشركات المنتجة لأجهزة الحاسوب في أميركا.

في الخمسينيات من نفس القرن بدأت النهضة الحقيقية للوادي، وشهد مطلع الثمانينيات انفجاراً كبيراً في الاستثمارات، تواصل بشكل متواتر من خلال تأسيس شركات جديدة رغم التكلفة المرتفعة للأراضي هناك، وذلك بسبب وجود بنية تحتية متطورة وطاقات بشرية مؤهلة.

الاستثمارات التكنولوجية في الوادي

تتمركز في وادي السيليكون شركات عملاقة متخصصة في تطوير الاختراعات الجديدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وتساهم هذه الشركات بثلث العائدات الاستثمارية في مجال المشاريع الجديدة بأميركا. كما تستقطب المنطقة أكبر حصة من الاستثمارات المشتركة في البلاد، وقد بلغت نسبتها 46% عام 2012 ما أدى إلى تزايد معدل التشغيل وارتفاع أسعار العقارات.

تفيد التقارير المتخصصة بأن بلدات الوادي من أكثر المناطق إبداعاً في الولايات المتحدة نظراً إلى عدد براءات الاختراع المقدمة لشركاته، وفي مقدمتها شركات “آبل” و”غوغل” و”فيسبوك” و”إتش بي” و”ياهو” و”أي بي أم” و”سيسكو”.

وادي السيليكون ومؤتمر “SYNC’25” بدمشق

في مبادرة رائدة يقودها رواد أعمال ومهندسون سوريون-أمريكيون من وادي السيليكون، يسعى مؤتمر SYNC’25 بدمشق إلى ردم الفجوة بين سوريا وصناعة التكنولوجيا العالمية.

هذا المؤتمر، الذي حمل شعار “هيّا نناقش التكنولوجيا”، شكل نقلة نوعية سعت إلى تعزيز تبادل المعرفة، وتطوير المهارات المهنية، وخلق فرص تعاون بين المواهب السورية وكبار الخبراء في قطاع التكنولوجيا حول العالم.

نُظِّم المؤتمر بالتعاون مع جامعة دمشق والهيئات الأكاديمية السورية، بهدف ربط المهنيين السوريين مع السوريين الأمريكيين في الشتات.

باسل ياسين عجة، أحد المؤسسين الرئيسيين لـ SYNC’25، تحدث عن رؤية المبادرة قائلاً: “هدفنا هو بناء جسور علمية، معرفية، ومهنية بين كاليفورنيا وسوريا. نحن نؤمن بالمواهب والخبرات السورية، ونسعى لربطهم بالمديرين التنفيذيين والمهندسين في وادي السيليكون”.

وأشار إلى أن هذا المؤتمر يُعتبر خطوة نحو تعزيز التعاون وتبادل المعرفة وإطلاق مشاريع مشتركة ستساهم في تشكيل مستقبل سوريا التكنولوجي.

يمثل وادي السيليكون نموذجاً عالمياً فريداً للابتكار التكنولوجي والاستثمار المعرفي، حيث استطاع أن يجذب أفضل العقول من جميع أنحاء العالم ليصبح مركزاً عالمياً للتكنولوجيا المتقدمة، ومع استمرار المبادرات التي تهدف إلى ربط سوريا بهذا الصرح التقني العالمي، مثل مؤتمر SYNC’25، يمكن أن تشهد البلاد نهضة تكنولوجية مستدامة تساهم في تعزيز اقتصادها الرقمي وفتح آفاق جديدة للشباب السوري في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال، لكن تحقيق هذه الرؤية يتطلب تعاوناً مستمراً بين الجهات الأكاديمية، والقطاع الخاص، والخبراء الدوليين، لضمان نقل المعرفة والتكنولوجيا وتطوير بيئة تقنية متكاملة في سوريا.

شارك