جسر – دمشق (عبد الله الحمد)
في لفتة إنسانية تعكس روح التضامن والوفاء لمن ضحوا وساهموا في انتصار الثورة السورية المجيدة، أقام المجلس المحلي لأحياء مساكن برزة والعباس ومسبق الصنع في دمشق، فعالية شعبية لتكريم عدد من المعتقلين من أبناء هذه الأحياء الذين احتجزتهم قوات الأمن في عهد النظام البائد، إضافة إلى عدد من عائلات شهداء الثورة السورية.
الدكتور محمود رهبان، رئيس المجلس المحلي في حي مساكن برزة، أوضح في حديثه لصحيفة “جسر” أن نصر الثورة السورية كان ثمنه غالياً جداً، حيث تمثل في مئات آلاف الشهداء والمفقودين، والملايين من المهجرين، إضافة إلى الكثير من البلدات والقرى والمدن السورية المدمرة. وأكد أن هذه التضحيات ستظل محل فخر واعتزاز.
وشدد الرهبان على ضرورة تعزيز العمل والجهد من كل موقع واختصاص، ونقله إلى أكثر من مستوى لرأب الصدع المجتمعي الذي خلفه النظام البائد بين السوريين، مشيراً إلى أن “دماء الشهداء وعذابات المعتقلين أمانة ثقيلة أوصلتنا لما نحن فيه من نصر كبير تعيشه سوريا اليوم”.
ولم تقتصر المبادرة على التكريم فقط، بل شملت أيضاً التحضير لإطلاق دورات مهنية تدريبية مجانية للمعتقلات المحررات وذوي الشهداء، بغية تمكينهم من دخول سوق العمل وتأمين مصدر دخل دائم يضمن لهم حياة كريمة. وكشف الدكتور رهبان أن هذه الدورات المستقبلية، التي يتم الإعداد لانطلاقها في أسرع وقت ممكن، تشمل مهارات متعددة مثل الحلاقة والتجميل والخياطة وغيرها من الحرف اليدوية والتراثية، مؤكداً ضرورة دعم هذه الفئات وإعادة دمجها في المجتمع والتغلب على جميع التحديات في هذا المجال.
بدورهم، عبر المعتقلون المحررون وأسر الشهداء وذويهم عن شكرهم وتقديرهم للقائمين على هذه المبادرة المجتمعية من أهالي الأحياء الدمشقية، التي عكست حب أبناء هذا الوطن وتألفهم في أحلك الظروف. كما دعوا إلى التكاتف والبقاء يداً واحدة للإسهام في بناء سوريا الجديدة.
المعتقل السابق أبو محمد قال لصحيفة “جسر”: “أشعر بالفخر الكبير وأنا أكرم من أبناء الحي الذي أقطن فيه. لقد نسيت كل العذاب والقهر في هذه اللحظات، وأتوجه بالشكر لجميع القائمين على هذه الفعالية”.
ونوه أبو محمد بضرورة وجود ضغط شديد من كافة المستويات للكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرياً، مؤكداً أهمية “إبقاء هذه القضية حاضرة في الذاكرة والخطاب، والعمل على تخفيف معاناة الأهالي في هذا الصدد”.
كما أكد أعضاء المجلس المحلي أن هذه الجهود تأتي في إطار تعزيز التكاتف والتكافل الاجتماعي، وتوفير فرص حقيقية لمواجهة التحديات الاقتصادية التي يعيشها الأهالي، مشيرين إلى أن هذه الشريحة الهامة بذلت الغالي والنفيس في سبيل حرية بلدها وكرامته.
جاء هذا التكريم كخطوة رمزية تجاه من ضحوا في سبيل حرية سوريا، وهو تأكيد على أن تضحيات الشهداء والمعتقلين لن تُنسى، كما تمثل هذه المبادرة رسالة واضحة بأن الثورة لم تكن مجرد حدث عابر، بل مسار طويل من النضال والتضحية لبناء مستقبل أفضل. ومع استمرار مثل هذه الفعاليات والمبادرات، تزداد فرص إعادة بناء المجتمع السوري على أسس من العدالة والتآخي والتضامن، ليكون التكريم الحقيقي هو استكمال مسيرة الحرية والكرامة التي سعى لها الشعب السوري.