حرفيون سوريون ينتظرون من الحكومة الجديدة الاستجابة لمطالبهم

شارك

جسر – نهى قنص

طالب الحرفيون السوريون الإدارة السياسية الجديدة في البلاد، بتذليل العقبات التي واجهتهم أيام النظام البائد، والتي أعاقت أعمالهم ومهنهم التي أبدعوا فيها، رغم الظروف القاسية التي مروا بها، ولا شك أن الحِرفة تضمن للفرد مردوداً مالياً يعتمد عليه في بناء مستقبله، خاصة إذا تمكن من تطويرها من حرفة متناهية الصغر إلى مشروع صغير أو متوسط على الأقل، مما يسهم في تشغيل يد عاملة إضافية ونقل الخبرات من جيل إلى آخر، بما يضمن الاستمرارية والتطوير وصولاً إلى الإبداع.

عقبات وتحديات أصحاب المهن

رغم أهمية الحرفيين وإبداعهم في أعمالهم، إلا أنهم واجهوا عقبات عديدة خلال فترة النظام البائد.

فتاة منصور، الحرفية المتخصصة في الحفر على الفضة إلى جانب حرف أخرى مثل الرسم بالسكين، وصناعة الإكسسوارات والأعمال اليدوية، أوضحت في حديثها لصحيفة “جسر” أن الحرفيين لم يحصلوا على أي تسهيلات عند دعوتهم لحضور المعارض الخارجية، كما واجهوا صعوبات في التسويق واستيراد المواد الخام، مثل الفضة.

أما سليمان عليان، الذي يعمل في إصلاح السيارات منذ 18 عاماً، فقد شكا من تردي الكهرباء، وتدني الخدمات، والضرائب المرتفعة، والفواتير الباهظة، إضافة إلى غياب الصيانة لمصارف مياه الأمطار، مما أدى إلى فيضانها خلال فصل الشتاء دون أي تدخل من الجهات المعنية. ودعا إلى الاهتمام بواقع الحرفيين وتسهيل عملهم لضمان استمرارهم في تقديم الخدمات.

التعليم المهني ودوره في تقدم الدول

أكد منذر رمضان، عضو مجلس اتحاد الحرفيين والمشرف على المناطق الصناعية والحرفية، أن الدول المتقدمة أولت اهتماماً كبيراً للتعليم المهني بشقيه النظري والعملي، مما مكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعة والزراعة والإنتاج، وأصبحت تصدر منتجاتها إلى العالم، مما عزز اقتصادها وجعلها قوية ومستقلة.

وأشار إلى أن “هذه الدول تجنبت فرض الضرائب المرتفعة على الصناعات والحرف، واعتمدت على تطوير الطاقات البديلة لتقليل تكاليف الإنتاج وتحقيق تنافسية أعلى”.

التشاركية في التعليم للقضاء على البطالة

أوضح رمضان أن تحقيق نهضة مهنية في سوريا يتطلب “تشاركية فعلية بين وزارة التربية والتعليم واتحاد الحرفيين، بحيث يتم توجيه الطلبة المهنيين للعمل خلال العطلة الصيفية في الورش والمعامل والمصانع، كل حسب تخصصه، مما يمكنهم من اكتساب الخبرات العملية اللازمة للدخول في سوق العمل فور تخرجهم”.

وأكد أن “هذه الآلية ستساهم في إعداد أجيال أكاديمية مهنية وحرفية وصناعية وإدارية، مما سيؤدي إلى القضاء على البطالة، بدلاً من توجه الخريجين إلى الوظائف المكتبية التقليدية التي تعاني من قلة الفرص”.

محاولات لتذليل العقبات

أوضح عضو مجلس اتحاد الحرفيين أن اتحاد الحرفيين في طرطوس يضم نحو 10,500 حرفي مسجل أصولاً، موزعين على 18 جمعية حرفية باختصاصات متعددة، مع وجود أعداد كبيرة غير مسجلة رسمياً.

وأشار إلى أن “الاتحاد يعمل على حماية جميع الحرفيين، فهم جزء مهم من اقتصاد الظل، ويسعى لتذليل العقبات التي تواجههم من خلال التنسيق مع الجهات المعنية”، مضيفاً أن “الاتحاد نجح في تعديل بعض القرارات المجحفة التي فرضها النظام البائد، لكنه واجه عوائق في تعديل قرارات أخرى”، مثل البلاغات التي تمنع إنشاء منشآت خارج المناطق الصناعية دون مراعاة الخصوصية الجغرافية لكل محافظة، وغياب المناطق الصناعية والحرفية الحديثة التي تلبي احتياجات الحرفيين، وفرض الضرائب والجبايات الباهظة على حساب لقمة عيش المواطن.

وأكد أن الاتحاد بذل جهوداً كبيرة لتخفيف الأعباء الضريبية والحد من الجبايات المتعددة، إلا أن النظام البائد رفض الاستجابة لهذه المطالب، وأصدر مراسيم وقرارات لحماية هذه الإجراءات، مما أدى إلى إرهاق الجميع، خاصة في ظل الظروف القاسية التي أثرت سلباً على ذوي الدخل المحدود.

إعادة بناء الإنسان والبنيان

قدم رئيس مجلس الاتحاد عدة مقترحات لتحقيق نهضة اقتصادية في المستقبل، أبرزها إعادة النظر في القرارات وتصويبها لضمان موارد الدولة من خلال دعم الصناعة والزراعة والحرف وتصدير الفائض، إعادة الموارد الطبيعية إلى سلطة الدولة لضمان استغلالها بشكل يخدم المجتمع، وتخفيف الضرائب والرسوم المفروضة على الحرفيين لتسهيل أعمالهم وتعزيز إنتاجهم، إضافة إلى إشراك المنتجين والمصدرين في الحوار لحل المعوقات بطرق علمية ومدروسة، مما يساعد على اختصار الزمن وإعادة بناء الإنسان والبنيان معاً.

وأجمع الحرفيون على أن سوريا بلد ولّاد للمبدعين والمفكرين والمنتجين، ولديها كوادر وطنية قادرة على الابتكار والعطاء بلا حدود، وأكدوا أن النهوض من جديد ممكن، بشرط الاستثمار في الحرفيين وأصحاب المهارات، ليكونوا الركيزة الأساسية في بناء مستقبل يوفر العيش الكريم للجميع.

شارك