جسر – نهى قنص
بعد الأحداث المؤسفة والانتهاكات التي شهدتها بعض مناطق وقرى الساحل السوري مؤخراً، انطلقت حملات الدعم والإغاثة من طرطوس وريفها إلى الأسر المنكوبة والمتضررة جراء تلك الأحداث، بما يخفف من معاناتهم ويهدئ من روعهم، ويعكس صورة المجتمع السوري في النبل والشهامة والأصالة، ويبرز دور الإنسان في مساعدة ومساندة إخوته في أي بقعة جغرافية على امتداد الوطن.
لينا ديب، المتطوعة والناشطة الاجتماعية في مؤسسة الملتقى الثقافي العائلي في بلدة مشتى الحلو، أشارت لصحيفة “جسر” إلى أن حملة “كن عوناً” انطلقت بعد توقف الجرائم في منطقة الساحل ودخول قوات “الأمن العام” لبسط الأمان والاستقرار، بهدف جمع مساعدات إلى المناطق المنكوبة في الساحل السوري، وذلك في مواقع طرطوس وصافيتا وبلدة مشتى الحلو.
بدأت الحملة بمجموعة من الشباب المتطوعين والناشطين في المجتمع المدني، حيث توسعت إلى الريف كصافيتا ومشتى الحلو، وشملت تلك المساعدات مواد غذائية من رز وبرغل وسكر وزيت وأغراض منزلية، يتم جمعها في تلك المواقع بطريقة منظمة، ثم توصيلها برفقة الأمن العام إلى طرطوس ومنها إلى المناطق المنكوبة كريف جبلة وريف بانياس.
ولفتت الناشطة الاجتماعية إلى وجود ناشطين يقومون بجمع البيانات وحصر العائلات الأكثر تضرراً حتى تصل المساعدات إلى مستحقيها بشكل عادل ولأكبر شريحة. كما أشارت إلى أن “الحملة تشمل دعماً نفسياً واجتماعياً ويتم توثيقها من حيث العدد والنوع وعدد الأسر المستهدفة واسم القرية، مع التخطيط لاستهداف عوائل فقيرة في الأرياف بمرحلة لاحقة”.
وأضافت ديب: “إن ثقافة العمل التطوعي لدينا منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، حيث ننشط في الأعمال الخدمية وتلبية احتياجات الناس المتضررة من الكوارث والحرائق والزلازل، إضافة إلى تقديم المساعدات الخيرية”، مؤكدة على ضرورة التحرك في هذه الظروف كون الفائدة مزدوجة للمتضررين وللشباب الواعد الناشط الراغب في العمل والمشاركة.
قافلة الإغاثة
انطلقت قافلة الإغاثة برفقة “الأمن العام” من طرطوس والصفصافة وحمص لتقديم المساعدات والخدمات إلى منطقة بانياس وريفها وجرد بانياس وحمام واصل.
وأشار الدكتور زين العابدين ورد إلى أنه “يتم تجميع المواد في صافيتا وسهل عكار بطرطوس وتلكلخ بريف حمص، وذلك من قبل فريق يضم مجموعة متطوعين، من بينهم علي الخطيب الذي يجمع المساعدات من سهل عكار، والدكتور دانيال حسن من طرطوس، إضافة إلى فريق من صافيتا يضم الدكتور ورد وأحمد أبو حمود وعلي زيدان وفراس محمد، حيث ينسق أفراد الفريق مع بعضهم البعض وبرفقة الأمن العام يتوجهون إلى بانياس”.
وتضم القافلة أغذية وألبسة وبطانيات ومستلزمات يومية، كما يتبرع أصحاب الأيادي البيضاء بمبالغ مادية يتم بها شراء مواد غذائية وتموينية، ليتم توزيعها على العائلات المنكوبة والأكثر حاجة.
وأشار الدكتور ورد إلى أن “القوافل مستمرة إلى بانياس وجبلة، ومن ثم سيتم الاتجاه إلى قرى حماه ومصياف والرصافة”، كما نوه بأن هذا العمل الإنساني لا يوازي ما تعرض له الأهالي في المناطق المنكوبة من جرائم وحشية، مؤكداً أن “ما يتم تقديمه هو جزء يسير أمام خسارة الأهالي لمنازلهم وممتلكاتهم”.
ومن تلسنون أيضاً في سهل عكار بطرطوس، انطلقت قافلة مساعدات أخرى تضمنت خضاراً ومواد غذائية وأغطية وفرشاً وألبسة. وأوضح منظم الحملة، ثائر زيتون أبو الياس، أهمية تلك المساعدات في هذه الظروف العصيبة في بلسمة آلام الناس والتخفيف من معاناتهم.
وأشار إلى أن “عدد المشاركين في الحملة حوالي 20 متطوعاً شاركوا في أعمال التوضيب”، لافتاً إلى أن المتبرعين هم من تلسنون وقرى سهل عكار.
منازل لإيواء المتضررين
لم تتوقف المساعدات عند التبرع بالمواد الغذائية، حيث قدم السيد علي الحكيم عدة شقق سكنية في قرية بيت كمونة بريف طرطوس، وهي مفتوحة وتؤوي خمس عائلات محتاجة، مع توفير فرش وبطانيات لأي عائلة محتاجة.
وأكد الحكيم على رابط الإخوة الذي يجمع أبناء الشعب الواحد، معتبراً أن ما يتم تقديمه اليوم هو أقل من الواجب، فجميع السوريين إخوة في هذا الوطن وشركاء في الأفراح والأتراح، متمنياً أن يعم الأمن والأمان والسلام في ربوع الوطن.
كما قدم الشاب طالب كرميا سكناً في قرية بيت يحمور بريف طرطوس يأوي عائلتين، مؤكداً أهمية وقوف السوريين مع بعضهم البعض صفاً واحداً ضد كل متآمر وحاقد على لحمة وأمن الوطن.
ورغم وصول المساعدات، إلا أن مأساة الأهالي في ريف بانياس ما زالت مستمرة، حيث لم تفِ الإغاثة بالغرض المطلوب. وطالب الأهالي بوصول مساعدات أكثر تلبي الاحتياج الكلي.
مناشدات بالعيش الكريم ووقف الانتهاكات
ومع استمرار قوافل الإغاثة والدعم، يأمل أهالي الساحل أن يتوقف شلال الدم بشكل نهائي، وأن يتم تأمين عودة الأهالي إلى منازلهم، إضافة إلى عدم طمس الحقائق وتزوير ما جرى، كما طالبوا بمحاسبة كل المتورطين والمحرضين ومزوري التقارير الإعلامية بشكل حقيقي عبر لجنة تحقيق محايدة لمنع تكرار هذه المآسي.