جمعة دامية في المسجد الأموي.. والسبب “وليمة”!

شارك

جسر – دمشق (نهى قنص)

شهد الجامع الأموي في دمشق حادثة مؤلمة يوم الجمعة 10 كانون الثاني الجاري، حيث تحولت فعالية عفوية إلى مأساة أودت بحياة ثلاث نساء وأصابت خمسة أطفال بكسور ورضوض، بالإضافة إلى حالات شديدة من الإغماء، والسبب وراء هذا الحادث كان وليمة دعا إليها أحد مشاهير السوشيال ميديا أمام المسجد الأموي عقب صلاة الجمعة، دون أي تخطيط أو تنظيم مسبق.

ازدحام واختناق بسبب “فعالية عزيمة غداء”

جرت الحادثة أثناء فعالية لتوزيع الطعام نظمها الشيف المعروف بـ”أبو عمر”، الذي أعلن قبل أيام عن عزمه إقامة وليمة كبرى في الجامع الأموي عبارة عن 50 خروفاً، حيث نشر الدعوة على منصات التواصل الاجتماعي دون التنسيق مع الجهات المختصة، ما أدى إلى تجمع أعداد كبيرة من الناس فاقت قدرة المكان على الاستيعاب، لتتحول الفعالية إلى مشهد من التدافع والازدحام الشديد.

وأظهرت مقاطع الفيديو الملتقطة من داخل المسجد اكتظاظاً كبيراً في باحاته بعد صلاة الجمعة، مما أساء إلى قدسية المكان الذي يُفترض أن يكون مكاناً للعبادة والتأمل الروحي، وليس ساحة لإقامة فعاليات توزيع الطعام، حسب رأي بعض المستنكرين في مواقع التواصل الاجتماعي.

شهادات ومناشدات شعبية

الحادث أثار غضباً واسعاً بين السوريين، حيث أعرب الصحفي أنس العلي عن ضرورة تفعيل مؤسسات الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية لتوزيع المساعدات بطرق منظمة وآمنة، معتبراً أن “هذه الكارثة الإنسانية تتطلب وقفة حازمة لمحاسبة المسؤولين عنها، سواء من المنظمين أو من سمحوا بإقامة هذه الفعالية في مكان مقدس”.

من جانبه، طالب الصحفي عزيز الجلالي بفتح تحقيق فوري وشامل في الواقعة، مشيراً إلى “ضرورة محاسبة جميع الأطراف، بدءاً من الشيف أبو عمر، ومروراً بالمسؤولين الذين سمحوا بإقامة الفعالية، ووصولاً إلى الإعلاميين الذين روجوا لها دون مراعاة حساسية المكان والحدث”.

السيدة هدى، وهي إحدى الناجيات من الحادثة، وصفت المشهد بمرارة: “ما حدث اليوم في الجامع الأموي غير مقبول.. رأيت الناس تدوس على النساء بلا شفقة للوصول إلى وجبة طعام”.

محافظ دمشق ماهر مروان أعلن من جانبه، أن المحافظة تتحمل كامل المسؤولية عن الحادث، مشدداً على أن “ما جرى لن يمر دون محاسبة المقصرين”، وأكد في تصريح نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الجهات المعنية، بالتعاون مع وزارة الداخلية، تعمل على متابعة التحقيقات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة المسؤولين.

انتقادات من الشارع والإعلام

ما حدث في الجامع الأموي يعكس بشكل واضح معاناة الشعب السوري، الذي دفعه الفقر إلى التجمع بكثافة للحصول على وجبة طعام واحدة، بينما تتحمل الجهات المنظمة والسلطات المحلية مسؤولية هذا الحادث المأساوي.

صفحات التواصل الاجتماعي والمدونون لم يوفروا انتقادهم للحادثة، معتبرين أن ما حصل يُعد استغلالاً لحالة الفقر والجوع التي يعيشها السوريون، ودعت بعض الأصوات الشعبية والقانونية إلى تحريك دعوى عامة ضد الشيف “أبو عمر” بتهمة التسبب في الوفاة والإهمال، استناداً إلى المادة 536 من قانون العقوبات السوري.

وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر الدولي، فيما يعتمد معظم السكان على المساعدات والتحويلات لتلبية احتياجاتهم الأساسية. هذا الواقع الاقتصادي البائس جعل السوريين أكثر عرضة للاستغلال العاطفي والمادي في مبادرات تدور حول أهدافها الشكوك، الشهرة أم المساعدة؟

شارك