جسر – دير الزور (محمد جنيد)
أعلنت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في سوريا بدء صرف رواتب المتقاعدين لشهر نيسان، إلا أن الموظفين المتقاعدين بمحافظة دير الزور يعانون من أزمة مستمرة في الوصول إلى مستحقاتهم المالية، وسط طوابير طويلة أمام المصرف الوحيد العامل جزئياً في المدينة، وصراف آلي واحد فقط في الخدمة، يعاني من أعطال متكررة ونفاد مستمر للنقد.
وفقاً لمصادر محلية، يوجد في مدينة دير الزور خمس صرافات آلية، منها أربع صرافات خارجة عن الخدمة بالكامل، وتشير المعلومات إلى أن اثنتين من هذه الأجهزة حديثة نسبياً، بينما تحتاج الثلاث الأخرى إلى أعمال صيانة عاجلة.
والصراف الوحيد العامل يوصف بأنه “مهترئ” ويخرج عن الخدمة بشكل متكرر، إضافة إلى نفاد النقود منه قبل إعادة تعبئته من قبل موظفي المصرف.
الحالة المتردية هذه دفعت بالعديد من المتقاعدين إلى اللجوء إلى حلول بديلة، ويروي “أبو كمال”، أحد المتقاعدين، تجربته قائلاً: “كان الوضع في مصرف دير الزور مزعجاً للغاية، عندما ذهبت الشهر الماضي لمحاولة استلام الراتب، وباءت المحاولة بالفشل.. اضطررت في النهاية لإرسال بطاقتي إلى دمشق ليقبض لي أحدهم راتبي ويرسله إليّ عبر حوالة.”
أما “أبو رامي” من ريف دير الزور الشرقي، فأوضح حجم المشقة التي يتحملها: “غالباً ما أبقى في المدينة عدة أيام حتى أتمكن من قبض معاشي، وهو دخلي الوحيد.”
بدوره، قال “أبو خالد” من الريف الغربي: “الحل الوحيد لأستلم راتبي هو أن أفترش الأرض ليلاً أمام الصراف، لأحصل على راتبي صباح اليوم التالي وأعود إلى منزلي باكراً.”
ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تتصاعد درجات الاستياء والغضب لدى المتقاعدين في دير الزور، الذين يقفون لساعات طويلة في ظروف قاسية لاستلام مستحقاتهم، كما أن التزاحم الكبير أمام المصرف لا يقتصر على سكان المدينة، بل يشمل أيضاً المتقاعدين القادمين من الأرياف، ما يزيد من حدة الأزمة.
وبحسب مشاهدات ميدانية، فإن الطوابير تبدأ منذ ساعات الصباح الأولى، وتستمر حتى نهاية الدوام الرسمي، لتتفكك لاحقاً وتُعاد في اليوم التالي، في مشهد يومي متكرر.
وفي ضوء هذا الواقع، يطالب المواطنون والناشطون المحليون الجهات المعنية بالتحرك الفوري من خلال صيانة الصرافات الآلية الخارجة عن الخدمة وإعادة تفعيلها، وتمديد فترة خدمة الصرافات إلى 24 ساعة لتقليل الازدحام، وتركيب صرافات جديدة في ريف دير الزور الشرقي والغربي، وضمان تغذية الصرافات بالنقد بشكل دائم، خاصة خلال فترة صرف الرواتب، وتوفير حماية أمنية للصرافات، بما يضمن أمان المواطنين ويمنع حالات الفوضى.
ويرى عدد من الأهالي أن مشهد الطوابير الطويلة، الذي كان سائداً خلال العقود الماضية، يمثل شكلاً من أشكال الإهانة اليومية للمواطنين، ويأمل المتقاعدون اليوم، في ظل السلطات الجديدة، أن يُطوى هذا المشهد إلى غير رجعة، وأن تتحول قضية قبض الراتب إلى إجراء بسيط وسهل، يحترم وقت وكرامة المواطن.