رعاية طبية مجانية في طرطوس.. تعاون الأطباء يخفف معاناة الأهالي

شارك

جسر – طرطوس (نهى قنص)

في وقت تزداد فيه التحديات والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية، آمن أطباء طرطوس بأن “إشعال شمعة خير من لعن الظلام”، وإيماناً منهم بأن يكونوا جسراً من الأمل للمرضى والأسر ذات الدخل المحدود، وليضمنوا أن الصحة حق للجميع وليست عبئاً على أحد، أطلقوا مبادرتهم الطبية الإنسانية في عياداتهم ومراكز عملهم لاستقبال المرضى لبدء أو استكمال معاينتهم وعلاجهم بشكل مجاني، تضامناً مع الأسر المحتاجة في ظل الظروف المادية المتردية لأغلب المواطنين.

وتواصلت “جسر” مع بعض الأطباء المشاركين في المبادرة، إذ تحدث الدكتور حسن حسن، أخصائي بأمراض الكلى، عن أهمية المبادرة في مد يد العون لكل من يحتاج إلى الرعاية الطبية في طرطوس بأقل التكاليف الممكنة، وفي تقديم العلاج والمعاينة المجانية لجميع أبناء الوطن.

وأكد أن “المبادرة تكبر يوماً تلو الآخر مع انضمام الأطباء إليها من كافة الاختصاصات الطبية بوجود أكثر من طبيب لنفس الاختصاص”، مشيراً إلى أن عيادته مفتوحة يومي الأحد والثلاثاء من كل أسبوع مع حسم ٥٠% في باقي الأيام، كما أن عيادته مفتوحة بشكل دائم لبعض الزملاء الأطباء الذين ليس لديهم عيادة، فالتعاون قائم ومستمر لدى الأطباء بهدف تقديم الخدمات للمرضى في هذه الظروف العسيرة التي يمر بها أغلب السوريين.

ولفت الدكتور حسن إلى أن “المبادرة تشمل كافة المواطنين دون استثناء، من خلال تقديم المعاينة الطبية وصورة الإيكو والإشراف على العلاج بشكل كامل وتعديل العلاج مع تقديم النصائح الطبية مع تطور الحالة واستجابة المريض للعلاج.. المبادرة سارية المفعول لوقت طويل، خصوصاً في ظل الظروف المادية الصعبة للناس التي تعجز عن شراء الخبز والدواء”.

بدورها، أشارت الدكتورة علا علي، طبيبة النسائية، إلى ضرورة تقديم الرعاية الصحية دون توقف أو انقطاع حتى لا تسوء حالة المريض وتتضاعف معاناته، و”انطلاقاً من أهمية ذلك قمنا بالبدء بمبادرة لمعاينة الناس ومعالجتها بكل الوسائل والسبل ولا سيما في ظل الظروف الحالية من ارتفاع تكاليف النقل وعدم توفر أغلب المواد الأساسية في المشافي وتأخر صرف الرواتب والأجور وعدم توفر السيولة لدى المواطنين العاجزين عن تأمين أدنى مستلزمات العيش”.

وأكدت علي أنها تساعد المرضى مجاناً في العيادة يوم الخميس، وتقدم كل الخدمات التي تخص النسائية من فحص نسائي وفحص ثدي ورعاية حوامل، مشيرة إلى “استمرار المبادرة سيما وأن الكل بحاجة والأجدر أن نكون سنداً لبعضنا البعض”.

من جهتها، أفادت الدكتورة مادلين تلجة، أخصائية أمراض كلية وضغط شرياني، أن البلد في مرحلة انتقالية وتغيرات كبيرة أدت لنقص الوارد المادي لدى المرضى، ولذلك كانت مبادرتها بتقديم العلاج للمرضى مجانياً بشكل كامل.

وتقول: “لدينا جلسات غسيل لمرضى الكلى في المشفى الوطني في طرطوس مجاناً بعد أن كانت مأجورة في ظل النظام البائد.. حيث حدد وزير الصحة السابق تسعيرة جلسة الغسيل ب15 ألف ليرة وهي ظالمة وتفوق قدرة المرضى الذين قد يحتاجون لأكثر من جلسة خلال الأسبوع، فنحن الأطباء نقدم تلك الخدمة في المشفى الوطني كونه يتوسط المحافظة والنقل إليه ميسر”.

ولفتت الدكتورة تلجة إلى أن عيادتها تستقبل المرضى يوم الاثنين مجاناً، وكذلك يوم الجمعة، كما تقدم خدماتها من خلال تواجدها في المركز الوطني بطرطوس، إذ تهدف مشاركتها إلى تقديم العلاج والمعاينة لكافة المرضى دون استثناء ووصف أدوية وتعديلها حسب وضع المريض، والأمر يشمل التصوير الشعاعي والتحاليل المخبرية، مع محاولة تأمين بعض الأدوية للمرضى من خلال العينات المجانية التي تُمنح عادة للأطباء.

وأشارة الدكتورة إلى مبادرة “بسمة أمل” التي أطلقها أطباء محافظة الحسكة، حيث يتم من خلالها تحويل المرضى من المحافظات إلى المشفى الوطني بطرطوس الذي استقبل عدداً كبيراً من المرضى من جميع المحافظات السورية ومن المراكز المحيطة بمدينة طرطوس كالشيخ بدر والقدموس وتلكلخ.

وبينت الدكتورة تلجة أنه وبعد سقوط النظام البائد خرج الأطباء بكل شجاعة وقوة وإيمان وإصرار وعملوا بفريق عمل واحد لمعالجة كل الحالات المستعصية والمستعصية حتى لا ينقطع مريض عن علاجه، مشيرة إلى أن “المبادرة مستمرة حتى يبقى الناس بأمان صحي وبأفضل حال.. نريد أن يكون الجميع بخير وصحة وعافية كما نريد لبلدنا السلام والازدهار”.

أطباء طرطوس في هذه المبادرة، عبروا جميعهم عن أملهم بتعميم المبادرة في جميع المحافظات السورية، لبلسمة جراح الناس ومعالجة آلامهم، كما أعلنوا عن ترحيبهم بانضمام مقدمي الخدمات الصحية ليشاركوهم هذا الإيمان، سواء كان طبيباً، ممرضاً، صيدلانياً، أو من يعمل في أي مجال طبي، لأن مساهمته ستكون دعماً إضافياً.

شارك