جسر – متابعات
استأنف “منتدى الحوار الديمقراطي – رياض سيف” نشاطه أمس الأربعاء، في العاصمة دمشق، بعد نحو ربع قرن من إغلاقه على يد نظام الأسد، في خطوة رمزية تفتح الباب أمام انطلاقة جديدة للعمل السياسي والمدني في البلاد، في ظل مرحلة انتقالية يقودها الرئيس المؤقت أحمد الشرع بعد سقوط نظام بشار الأسد.
المنتدى، الذي كان أحد أبرز مظاهر ما عرف بـ”ربيع دمشق” مطلع الألفية، عاد إلى الانعقاد من جديد في منزل مؤسسه المعارض البارز رياض سيف، بحضور العشرات من المثقفين والسياسيين والناشطين الذين واكبوا الحراك الديمقراطي منذ بداياته.
وقالت جمانة سيف، رئيسة المنتدى وابنة المعارض المعروف، إن هذه العودة تمثل “لحظة مفصلية” في التاريخ السياسي لسورية، مضيفة: “اليوم نعيد افتتاح منتدى الحوار الديمقراطي بعد 24 سنة من إغلاقه، في المكان ذاته الذي انطلقت فيه أولى الجلسات، والذي يحمل رمزية كبرى في ذاكرة السوريين”.
وأضافت سيف أن هذا المكان شهد توحد المعارضة السورية وإصدار مخرجات مهمة، كما كان مسرحاً لوأد الحراك الديمقراطي حينها واعتقال قادة إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي، ومنهم والدها رياض سيف، الذي اعتُقل ست سنوات بعد مشاركته في تلك المنتديات الإصلاحية.
وأكدت سيف أن استئناف المنتدى اليوم هو “حق وواجب لكل السوريين”، معتبرة أن اللحظة السياسية الحالية توفر مساحة أكبر للحراك المدني والنقاشات حول مستقبل البلاد، مشيرة إلى أن إدارة المنتدى لم تتلق أي اعتراض رسمي من السلطات الانتقالية على إعادة افتتاح المنتدى في منزل والدها، كما نفت ما تم تداوله عن منع ذلك.
الجلسة الحوارية الأولى، التي جاءت تحت عنوان “السلم الأهلي والعدالة الانتقالية”، شهدت مداخلات عديدة من شخصيات معروفة في الأوساط السياسية والثقافية السورية. وكان من أبرز المتحدثين الكاتب والباحث في المركز العربي بواشنطن رضوان زيادة، الذي شدد على أهمية “إطلاق عملية العدالة الانتقالية”، مشيراً إلى أن “زمن الإفلات من العقاب قد انتهى”، وأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون عنوانها العدالة وبناء الثقة بين السوريين.
المنتدى الذي تأسس في عام 2001 ضمن أجواء الانفتاح القصير التي أعقبت تولي بشار الأسد الحكم، شكّل حينها متنفساً للمعارضة السورية، قبل أن يتم قمعه وإغلاقه بعد أشهر قليلة، في سلسلة من الإجراءات التي طالت معظم رموز الحراك السياسي، وكرّست ما وصف لاحقاً بـ”وأد ربيع دمشق”.
منيف ملحم، القيادي في حزب العمل الشيوعي سابقاً، والذي كان من أوائل المشاركين في جلسات المنتدى في 2001، أعرب عن تفاؤله بمستقبل العمل السياسي في سوريا، قائلاً: “يمكن لهذا المؤتمر أن يفتح مجالاً للحوار وتوحيد السوريين حول مشروع المواطنة والدولة الحديثة وكرامة الإنسان والحريات”. وأضاف ملحم، الذي قضى 17 عامًا في سجون النظام السابق، أن السوريين سيواصلون النضال من أجل “دولة مدنية ديمقراطية حديثة”.
وتناولت مداخلات الحضور قضايا متعددة تتعلق بمستقبل سورية، أبرزها العدالة الانتقالية، ودور المجتمع المدني، والمسؤوليات التي تقع على عاتق السلطة والنخب السياسية لضمان السلم الأهلي خلال المرحلة الانتقالية.
وكان قد تعهد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، الذي تسلم السلطة عقب الإطاحة بحكم الأسد في كانون الأول الماضي، بالحفاظ على السلم الأهلي، وأعلن مراراً عن عزمه تشكيل هيئة مختصة بالعدالة الانتقالية ضمن فترة ولايته التي تمتد لخمس سنوات.