جسر – هبة الشوباش
بعد سقوط نظام الأسد المجرم وانتصار الثورة السورية، يعتبر ملف النازحين من أهم الملفات التي يجب حلها بشكل سريع، فمنذ بداية دخول الشتاء دق ناقوس الخطر فوق رؤوس النازحين مثلما جرت العادة طيلة سنوات العقد الماضي، وظهر الواقع الإنساني المتردي للمخيمات في الشمال السوري.
والصورة الآن مختلفة عن السابق فمناشدات سكان الخيام تتوجه اليوم إلى الإدارة الجديدة في سوريا التي يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة تجاه جميع المواطنين، فما هو مصير هؤلاء النازحين؟ وما هي الحلول لتغيير ظروفهم المعيشية؟ ومن الدول التي ستساعد في عودتهم إلى منازلهم؟ وما هي المدة المتوقعة لحل هذه الازمة؟
في هذا السياق، حدد فريق “منسقو استجابة سوريا” المصاعب والمشاكل التي يواجهها السكان في مخيمات النازحين نتيجة عوامل مختلفة منها: انتشار ظاهرة الصرف الصحي المكشوف ضمن مخيمات النازحين، و غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب، وزيادة الأمراض الجلدية حيث أن أكثر من 23% من إجمالي المخيمات سكانها مصابين بأمراض جلدية، بالإضافة إلى انتشار مرض الكوليرا في الآونة الأخيرة وكذلك غياب التلعليم، وغيرها من المصاعب التي يعاني منها الناس في المخيمات.
بدوره، أكد منسق الشؤون الإنسانية في سوريا للأمم المتحدة آدم عبد المولى أن الوضع في المخيمات كارثي، لأن هنالك ما يفوق أربع ملايين سوري من النازحين يواجهون في فصل الشتاء ظروف قاسية، مضيفاً أن “الوضع الإنساني سيء للغاية ونحن نسعى لتخفيف وطأة المعاناة”.
وأفاد عبد المولى أن البلاد ككل لا زالت تعاني من نقص شديد في الخدمات الإنسانية والأساسية من تعليم وصحة ومياه وصرف صحي وغيرها من الخدمات، كما أن البنية التحتية هشة داخل سوريا نفسها، و17 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.
وعن الحلول القريبة والعاجلة التي سوف تقدمها الأمم المتحدة لهؤلاء المحتاجين والنازحين قال عبد المولى :”لقد عقدت جلسة مع أحد المعنيين في الحكومة الإنتقالية لبحث هذا الملف، وأيضاً مع رئاسة الأمم المتحدة في جنيف و نيويورك من أجل تقديم المساعدات وكان من ضمنها الحديث عن مساعدات فنية من أجل تنظيم العودة، وأيضاً مساعدات مالية وغذائية وغيرها”.
وعند سؤاله عن معوقات تدفق المساعدات الإنسانية أكد المسؤول الأممي أن السبب هو تعطل المطارات عن العمل، والإغلاق شبه الكامل للحدود، مشيراً إلى أن “الحكومة تسعى لإعادة العاملين إلى عملهم حتى يتسنى فتح المعابر الحدودية خاصة مع لبنان والأردن”.
صحيفة جسر استطاعت أن تتواصل مع بعض النازحين المقيمين في الشمال السوري حيث ناشدت السيدة “م.س” جميع المعنيين أن يسارعوا في إيجاد الحلول، مضيفةً: “نحن اليوم نعاني من الجوع والفقر وقلة موارد التدفئة وانتشار الكلاب التي تثير الذعر بين أطفالنا”.
أما السيد “ك.ي” تحدث قائلاً: “نريد أن نعمل نريد أن نعود إلى منازلنا فالحياة هنا صعبة للغاية وتواجهنا اليوم مخاطر كثيرة وهي انتشار الألغام واندماج مياه السيول مع مياه الصرف الصحي وغيرها الكثير، ونحن شعب ذاق ماذاقه من الجوع والظلم والقهر فمتى ستنتهي هذه المعضلة؟”.
في هذا المشهد المخيف تبقى قضية النازحين في المخيمات غيمة بؤس تلقي ظلالها الثقيلة على حياة الآلاف من السوريين الذي يعيشون ظروفاً لا إنسانية صعبة على كل مراقب، فهل سيوضع حد لهذه الأزمة القاسية.. هذا سؤال برسم الحكومة السورية الجديدة والجهات الأخرى المعنية.