بعد سرقة “بنك الدم”.. أهالي دير الزور يهبّون لأجل التبرع

شارك

جسر – دير الزور (شام الحمود)

بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على مدينة دير الزور، ازدادت بالمدينة أكثر مما كانت عليه، وتفاقمت الأزمات التي أثرت على المواطنين من جميع النواحي: الاقتصادية، الاجتماعية، والصحية، ومن بين أبرز هذه الأزمات كانت حادثة سرقة بنك الدم، وهو “جريمة بشعة” كما وصفها الأهالي، أثرت على نظام الرعاية الصحية، مما زاد من معاناة المرضى المحتاجين إلى الدم بشكل دائم.

صرخة إنسانية واستجابة مجتمعية

في ظل هذه الظروف الصعبة، أطلقت المشافي في دير الزور نداءات استغاثة تدعو للتبرع بالدم لسد النقص الحاد، واستجاب أهالي دير الزور لهذه الدعوات بروح تضامنية، حيث نظمت حملتان للتبرع بالدم في المشفى العسكري السابق.

وتم التعاون في هذه المبادرات مع نادي الفتوة الاجتماعي، ومدير الصحة الدكتور مأمون حيزة، والدكتور أحمد مزان مدير المشفى، والدكتور أيمن الموسى مدير بنك الدم في المدينة، كما تم افتتاح مركز مؤقت لبنك الدم داخل المشفى العسكري السابق لتوفير الخدمات اللازمة.

حماس شعبي ودعم طوعي

وفقاً للشابة ملاك الخلف، وهي متطوعة في نادي “الفتوة” الاجتماعي، شهدت حملات التبرع بالدم استجابة واسعة من المواطنين، سواء من سكان المدينة أو من القرى المحيطة بها، مما يعكس التكاتف المجتمعي في ظل المحنة.

من جهتها، أشارت الممرضة ابتسام الحسن إلى أن التبرع بالدم كان شرطاً إلزامياً في فترة النظام السابق لإتمام العديد من المعاملات الحكومية مثل التوظيف واستخراج دفاتر الخدمة العسكرية أو رخص القيادة.

واعتبرت أن “هذا النظام كان يسهم في تأمين احتياجات المشافي من الدم.. ومع إلغاء التبرع الإلزامي، ظهرت مشكلة نقص حاد في جميع زمر الدم، لا سيما زمرتي O+ والزمر السلبية”.

وجهات نظر متباينة حول التبرع الإلزامي

على النقيض من ذلك، يرى الدكتور أيمن الموسى أن إلغاء التبرع الإلزامي كان خطوة إيجابية لبنك الدم، وفق ما أفاد لصحيفة “جسر”.

واعتبر الطبيب أن “التبرع الطوعي يتيح تقديم خدمات أكثر جودة للمواطنين، ويضمن تلبية الاحتياجات الفعلية من الزمر المطلوبة بدلاً من تراكم فائض غير مستغل”.

أصوات المتبرعين: رسالة حب وانتماء

أعرب متبرعون عن دوافعهم الإنسانية والوطنية التي دفعتهم للتبرع بالدم، مؤكدين أن ما يقومون به هو واجب تجاه وطنهم وأبناء بلدهم، رافعين شعار “الدم السوري واحد”، في رسالة واضحة تدعو إلى الوحدة والتكاتف من أجل إعادة إعمار الوطن.

آمال لأجل مستقبل أفضل

هذه المبادرات التطوعية لا تقتصر على سد احتياجات المشافي فقط، بل تحمل رسائل أمل تؤكد أن أبناء دير الزور، ورغم المحن والظروف الصعبة، لديهم القدرة والإصرار على التكاتف والعمل من أجل بناء مجتمع أكثر إنسانية.

إن نجاح هذه الحملات يشير إلى أهمية تعزيز ثقافة التبرع الطوعي بالدم كجزء من المسؤولية المجتمعية، كما يعكس دور الشباب والمؤسسات المحلية في مواجهة التحديات وإيجاد حلول مبتكرة لتجاوز الأزمات، من أجل مستقبل أفضل لسوريا الجديدة.

شارك