خيمة عزاء بـ”السيدة زينب” تكريماً لشهداء الثورة السورية المنسيين

شارك

جسر – دمشق (عبد الله الحمد)

بهدف تسليط الضوء على معاناة أبناء الجولان المهمش من قبل النظام المخلوع، وبغية تعزيز الوحدة الشعبية بينهم، نشأت فكرة إحياء ذكرى الشهداء في السيدة زينب، حيث دعا أهالي الشهداء ومفقودي الجولان والثورة السورية للمشاركة في تمجيد ذكرى شهداء مجزرتي شارع علي الوحش ودوار حجيرة، الذين سطروا بدمائهم الطاهرة صفحات لن ينساها التاريخ، وذلك بعد صلاة الجمعة يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني، في عموم جوامع السيدة الزينب وحجيرة، ثم التوجه لخيمة العزاء في شارع المدارس.

وأقدم نظام الأسد على ارتكاب مجزرة التشييع في حجيرة عند الدوار، وراح ضحيتها أكثر من 220 شهيداً بتاريخ 18/7/2012، عندما قصفت طائرة حربية المشيعين في موكب أحد الشهداء. أما مجزرة الذيابية فقد ارتكبتها الميليشيات الموالية للنظام في المنطقة، وبلغ عدد ضحاياها أكثر من 160 شهيداً ذبحاً بالسكاكين بين 22 إلى 26 أيلول 2012، ولم يُعرف التاريخ الدقيق لأن الميليشيات احتلت المنطقة خلال هذه الفترة وعند مغادرتها تم اكتشاف الضحايا.

أما مجزرة “علي الوحش” في حجيرة بتاريخ 5/1/2014، فقد فاق عدد ضحاياها 1200 شخص، إضافة إلى أكثر من ألف معتقل لم يخرج منهم أحد حتى الآن.

دور “تجمع اللقاء السوري”

أوضح السيد محمد أبو القاسم الويسي من عشائر الجولان السوري والمنسق الإعلامي للحملة، أن فكرة إقامة هذه الفعالية انبثقت من داخل “تجمع اللقاء السوري” في السيدة زينب، وكان الهدف الأسمى هو “توحيد الجهود وعدم القبول بتهميش أبناء الجولان مرة أخرى، وتأسيس فرق تطوعية ومبادرات خيرية بالتنسيق مع عشائر الجولان، بما يخدم المصلحة العامة ويحقق الخير لأبناء المنطقة”.

وأشار الويسي إلى أنه “مع تزايد أعداد الشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن، برزت الحاجة إلى تسليط الضوء على المجازر المنسية مثل: مجزرة حجيرة، مجزرة حي علي الوحش، مجزرة الذيابية، مجزرة البحدلية، مجزرة حجيرة البلد”، لافتاً أن “هناك الكثير من الشهداء الذين لم يُقم لهم عزاء ولا جنازة، ولم تُوضع على قبورهم شواهد تحمل أسماءهم”.

وتهدف هذه الخطوة وفقًا لأهالي الجولان إلى إحياء ذكرى الشهداء وتجديد العهد على الوفاء لدمائهم الزكية، والتأكيد على أن تضحياتهم ستبقى مصدر إلهام وأمل في مستقبل أفضل، وإعادة إلى الذاكرة تضحياتهم من خلال نشر صورهم واستذكار سيرهم.

إعادة تأهيل مقبرة “حوش الحكومة”

كشف الويسي لـ”جسر” أن هناك جهوداً مجتمعية أوسع تشمل إعادة تأهيل مقبرة “حوش الحكومة”، التي تحتضن في أرضها رفات الكثير من الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل الكرامة والحرية، مشيراً إلى أنها “كانت في السابق مكاناً مهملاً حوّله النظام البائد إلى مقبرة جماعية تفتقر إلى الرعاية والاهتمام”.

وشدد الويسي على أن المقبرة ستشهد تحولاً يعيد إليها مكانتها كرمزٍ لتخليد ذكرى الأبطال وكرامة الشهداء.

التزام مجتمعي وإنساني

وفقًا للفعاليات المجتمعية من أهالي القنيطرة المشتركين في هذه المبادرة، فإن لها عدة أهداف، منها تكريم رفات الشهداء الذين لم تحظَ قبورهم بأي شواهد، وإعادة الاعتبار إلى حرمة القبور التي أهملها الظلم والنسيان، وتحويلها إلى معلم يخلد ذاكرة الثورة ويعزز قيم الوفاء لتضحيات الشهداء.

وتأتي مبادرة أهالي القنيطرة كجزء من التزام مجتمعي وإنساني تجاه أولئك الذين غُيِّبت أسماؤهم عن الحياة، لكنها ستظل محفورة في صفحات التاريخ وضمير الأجيال القادمة.

إن إقامة خيمة العزاء بمنطقة السيدة زينب في دمشق، ليست مجرد حدث عابر وفق القائمين على المبادرة، بل هي خطوة تؤكد على التمسك بالحقوق والوفاء لتضحيات الشهداء، وتعكس إصرار الأهالي على إبقاء ذكراهم حية في وجدان الجميع، كما تسلط الضوء على ضرورة التضامن المجتمعي والعمل المشترك لتحقيق العدالة والكرامة لأبناء الوطن.

شارك