جسر – دير الزور (محمد جنيد)
تشهد مدينة دير الزور ومحيطها جهوداً جديدة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب، بعد سنوات من المعاناة بسبب الانتشار العشوائي للألغام الناتج عن تعاقب القوى المسيطرة على المنطقة، بدءاً من نظام الأسد، مروراً بتنظيم “داعش”، ووصولاً إلى الميليشيات الإيرانية.
ورغم وصول معدات متطورة مؤخراً، إلا أن التحديات لا تزال حاضرة بقوة، ما يجعل الطريق نحو الأمان وإعادة الإعمار محفوفاً بالمخاطر.
وبحسب مصادر محلية، فإن احدة من أبرز المشاكل التي تواجه عمليات إزالة الألغام في دير الزور، هي غياب الخرائط الرسمية الدقيقة التي توثق مواقع الألغام، ما يزيد من خطورة العمليات ويضع الفرق الهندسية أمام تهديدات مستمرة، فالانتشار غير المنظم لتلك الألغام، خاصة في المناطق الريفية، يجعل عملية التطهير معقدة للغاية.
وتعاني المنطقة من نقص حاد في الكوادر الهندسية المتخصصة في هذا المجال، مما أدى إلى بطء واضح في وتيرة عمليات الإزالة، وخصوصاً في المناطق التي كانت تخضع سابقاً لسيطرة الميليشيات الإيرانية في الريف الشرقي والجنوبي.
يطالب سكان دير الزور والمنظمات المحلية بإزالة الألغام من المناطق السكنية والزراعية التي تحولت خلال فترات الصراع إلى ثكنات ومقرات عسكرية، حيث أعاقت الألغام عودة الأهالي إلى منازلهم، ومنعتهم من استغلال أراضيهم الزراعية، مما فاقم الأزمة المعيشية في المنطقة.
وفي استجابة أولية لتلك المناشدات، وصلت مؤخراً أربع آليات كاسحة ألغام من طراز “MEMATT” تركية الصنع إلى دير الزورـ وتتميز هذه المعدات بقدرتها على العمل عن بعد حتى مسافة 5 كيلومترات، ما يعزز من أمان الفرق الهندسية التي ستباشر عمليات الإزالة في محيط المدينة، وخصوصاً في البادية الجنوبية والغربية.
ويرى الأهالي أن إزالة الألغام ومخلفات الحرب لا تسهم فقط في تقليل عدد الضحايا – لا سيما بين الأطفال – بل تلعب أيضاً دوراً مهماً في تحسين الشعور العام بالأمان، فمع كل منطقة تُطهَّر، تفتح الأبواب تدريجياً لعودة السكان إلى حياتهم الطبيعية.
من الجانب الاقتصادي، فإن تطهير الأراضي من الألغام يسمح باستغلال المساحات الزراعية التي بقيت لسنوات غير قابلة للاستخدام، مما يعزز الأمن الغذائي ويوفر فرص عمل جديدة، كما أن إزالة الألغام من البادية الشرقية، التي كانت تضم عدداً كبيراً من الرعاة، ستسهم في تعويض الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها بسبب انفجار الألغام بمواشيهم.
ورغم هذا التقدم، لا تزال التحديات قائمة، وأبرزها غياب قاعدة بيانات شاملة عن مواقع الألغام، وهو ما يعرقل عمليات التطهير السريع والفعا،. ويبقى الدعم الدولي والتقني ضرورياً لضمان استمرار هذه الجهود وإنجاحها.