شتاء صعب في دمشق بعد سقوط النظام.. الخدمات متردية والرواتب ضائعة

شارك

جسر – دمشق (نهى قنص)

مع دخول موسم البرد، تعاني العاصمة دمشق من أزمة صعبة التحمل، تشمل ارتفاع أسعار المحروقات، وانقطاع الكهرباء بشكل متواصل، وانخفاض القدرة الشرائية للسكان. هذا الواقع يجعل فصل الشتاء تحدياُ يومياُ للأهالي، حيث يفتقدون وسائل التدفئة المعتادة.

مع أولى زخات المطر المتأخرة هذا الشتاء، تجد عائلة الحاج أكرم نفسها عاجزة عن تأمين وسائل التدفئة لأولادهم الأربعة. يقول الحاج أكرم: “لا كهرباء، لا مازوت، ولا غاز في شتاء دمشق، والوسيلة الوحيدة هي البطانيات. أسعار المحروقات مرتفعة جدًا؛ لتر المازوت بـ14 ألف ليرة سورية، وجرة الغاز بـ300 ألف ليرة، أما الكهرباء فهي سيئة جدًا وغير قابلة للاعتماد عليها”.

ويختتم حديثه بالقول: “خليها على الله أحسن شي”.

المازوت: من ضرورة إلى رفاهية

السيدة نجاح من سكان دمشق، عبّرت عن استيائها قائلة: “يعني معقول نشتري مازوت كأنه ذهب؟ اللي ما معه كيف بدو يتحمل البرد؟”.

أما علاء وهو بائع متجول، فأكد ضعف الإقبال على المازوت بسبب الظروف الاقتصادية، مشيراً إلى أن المازوت لم يعد ضمن الضروريات، بل أصبح رفاهية، مضيفاً أن “طاسة مازوت للصوبيا تكلف أكثر من 70 ألف ليرة يومياً، لذلك يُفضل المواطن تأمين احتياجات الطعام والشراب”.

أبو نزار من سكان منطقة “جرمانا”، لجأ إلى شراء كمية محدودة من الحطب، مشيراً إلى أنه يتحكم باستخدام المدفأة لتوفير الحطب لأطول فترة ممكنة، ويقول ساخراً: “لا أسمح بتشغيل المدفأة إلا ساعات محددة في النهار، فمن يوفر أكثر هو الرابح”.

أزمة النقل عبءٌ آخر على كاهل الناس

بالرغم من توافر المحروقات، شهدت أجور النقل ارتفاعًا كبيراً بعد سقوط نظام الأسد، حيث قفزت تكلفة ركوب الميكروباص من ألف ليرة إلى 4 أو 5 آلاف ليرة سورية. هذا الوضع أدى إلى تذمر الناس الذين اعتبروا السائقين يتحكمون بالأجور دون رقيب.

ويعود هذا الارتفاع إلى إيقاف جميع المخصصات المرتبطة بوسائل النقل حسب قول السائقين.

وهو ينتظر أن تمتلئ سيارته بالركاب، تحدث أبو محمد وهو سائق يعمل على خط (مساكن برزة – شارع الثورة)، عن معاناته مع تأمين المازوت: “اشتريت 50 لتر مازوت بـ750 ألف ليرة، فمن الطبيعي أن نرفع أجور السيرفيس. للأسف، المواطن هو من يتحمل هذا العبء”.

يأتي هذا مع تصريحات وزارة النفط في حكومة تصريف الأعمال، حول تحديد أسعار المحروقات بهدف منع أي تجاوزات أو تلاعب بالأسعار.

أزمة الكهرباء.. معاناة متجددة

منذ سنوات عدة، يعاني سكان دمشق من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يومياً، حيث قد تصل ساعات التقنين إلى أكثر من 12 ساعة في بعض المناطق. هذا الوضع أجبر العائلات على استخدام وسائل تقليدية مثل الحطب وتفل الزيتون المضغوط، رغم ندرتها وارتفاع أسعارها.

ويؤكد السكان أن وضع الكهرباء تدهور أكثر بعد سقوط النظام وتجمّد عمل المؤسسات وكوادرها، حيث باتت الأعطال أكثر تكراراً، مما زاد الأعباء على الأهالي ودفعهم للاعتماد على وسائل بديلة باهظة الثمن.

طوابير وأسعار مرتفعة ورواتب متأخرة

دون أي جديد، يصطف الأهالي بدمشق في طوابير للحصول على الخبز، وزاد سعر الربطة الواحدة إلى 4000 ليرة مقابل 12 رغيفاً، ولكن وفي مشهد كان نادر الحدوث في الفترة السابقة قبل سقوط النظام، أصبح الأهالي يصطفون في طوابير منظمة للحصول على احتياجاتهم من مادة الخبز في الأفران.

كما يعيش الشعب السوري وأهالي دمشق تحديداً، أزمة مضاعفة بسبب تأخر الرواتب وارتفاع الأسعار، وأصبحوا عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، وبدأ القلق يزداد حيث يعتمد أكثر من 60% من الشعب السوري بشكل أساسي على الرواتب لتأمين احتياجاته اليومية، ومع ذلك، لا يزال مصير الرواتب مجهولًا حتى الآن، بعد سقوط الديكتاتور.

يشير السيد مهند، موظف في دائرة حكومية، إلى أن العديد من العائلات تعتمد بشكل أساسي على الرواتب لتأمين احتياجاتها اليومية، ويقول “نأمل من الحكومة اتخاذ خطوات عاجلة لحل هذه الأزمة وصرف الرواتب.. بدنا عيشة كريمة بس”.

رغم هذه الأزمات المعتادة، يتطلع السوريون إلى جهود إعادة الخدمات الأساسية للعاصمة والمحافظات الأخرى، فهم يدركون أن البلاد تمر بمرحلة انتقالية صعبة، وزوال النظام يواسيهم كثيراً، لكنهم يأملون أن تحمل الأيام المقبلة تحسناً ملموساً في حياتهم اليومية.

شارك