جسر – طرطوس (هبة الشوباش)
تعيش محافظة طرطوس اليوم حالة من النهوض المجتمعي بعد سنوات من التحديات، حيث تتكاتف جهود الأهالي والجهات المحلية لإعادة إعمار وتنظيف المدينة بمبادرات وطنية وطوعية، وذلك في إطار السعي لتحسين الواقع الخدمي والمعيشي، عبر إطلاق حملات تنظيف واسعة وترميم البنية التحتية، إلى جانب مبادرات دعم الأسر المحتاجة.
ومثلما فعل المواطنون في محافظات عدة، سارعت الفرق الطوعية والمبادرات الوطنية والجمعيات واللجان الشعبية بطرطوس، لإعادة ترميم وتنظيف مخلفات النظام السابق، وانطلقت حملات تنظيف واسعة تم التعاون فيها بين المخاتير واللجان ورئاسة البلدية وشركة البيئة النظيفة من أجل المسارعة في تنظيف أحياء المدينة كاملة. كما تم عقد اجتماع في مقر مؤسسة البيئة النظيفة بطرطوس وعدد من الجهات المتطوعة بهدف تحسين مستوى النظافة والمساهمة بإصلاح الآليات المعطلة.
بالتزامن، تم إطلاق حملة حكومية وشعبية طوعية لإزالة المكبات العشوائية وترحيلها، وذلك بالاشتراك مع طلاب جامعيين وموظفين، بالإضافة إلى إعادة ترميم مجلس بلدية طرطوس.
وقال أحد موظفي البلدية لصحيفة “جسر”: “عند سقوط النظام قام بعض ضعاف النفوس بتخريب مبنى مجلس البلدية وحرقه، لذلك نقوم بترميمه بمبادرات مجتمعية محلية من قبل الأخوة والمواطنين السوريين الغيورين على مصلحة المحافظة، حيث يتم إزالة آثار الحرائق وبعدها إعادة هيكلته”.
بدورها قامت فرق الدفاع المدني السوري بترميم الأرصفة والمنصفات في المحافظة، كما يتم نقل النفايات من منطقة سور المرفأ خارج المدينة بإشراف مؤسسة E-clean التي عملت على تنظيف الطرقات والمرافق العامة وأعمال العناية بالحدائق والمنصفات.
إلى ذلك، عقد اجتماع ضم رئيس مجلس مدينة طرطوس مع رؤساء بلديات المناطق ومؤسسة الصرف الصحي والبيئة لرفع الاحتياج وتقييم المشاريع الحالية، وبعد هذا الاجتماع بدأت أعمال الشركة العامة للصرف الصحي بتسليك خط رئيسي في حي الغمقة الغربية.
وبالنسبة لأرياف طرطوس، قام السيد عبد الفتاح الخطيب المكلف بتسيير أعمال الوحدات الإدارية بزيارة منطقة الشيخ بدر والالتقاء بالفعاليات الرسمية والأهلية فيها للاطلاع على الواقع الخدمي ومطالب الأهالي.
في ذات السياق، تم إطلاق مبادرة مجتمعية محلية في طرطوس بهدف مساعدة الأهالي في ظل الظروف المعيشية الصعبة، من خلال تقديم مساعدات مالية من ميسوري الحال ومن المغتربين إلى الأحياء التي يعيشون فيها، إضافة لتوزيع الخبز بالمجان للأسر المحتاجة وجمع التبرعات لعمل طبي أو شراء أدوية. لاقت هذه المبادرة استجابة سريعة.
الوضع الأمني في طرطوس
التقى محافظ طرطوس السيد أحمد الشامي وفداً من أهالي منطقة صافيتا في مبنى المحافظة حيث أكد في هذا الاجتماع على أهمية تعزيز الأمن والأمان وضرورة التعاون لتحقيق ذلك، كما حذر من الانجرار وراء الشائعات التي تهدف لهدم وتمزيق الشعب السوري، داعياً إلى مد جسر الثقة والانتقال من مرحلة الخوف إلى مرحلة العمل البنّاء للارتقاء بسوريا الحرة.
وأشاد الشامي بوعي أهالي محافظة طرطوس، مشيراً إلى الجهود المستمرة لتحسين الواقع الخدمي. الكثير من الإشاعات طالت مدينة طرطوس بهدف زعزعة الأمن والأمان، لكن من يقوم بنشر هذه الشائعات لا يعرف مدى وعي أهل هذه المحافظة وحرصهم على مدينتهم، كما يقول العديد من أهالي وسكان المدينة.
في السكن الشبابي في مدينة طرطوس، قام مختار الحي بمساعدة شباب من أهالي المنطقة بمناوبات حراسة ليلية هدفها الحفاظ على مقتنيات الناس من السرقة، وقال لصحيفة “جسر”: “في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلد وحرصاً على سلامة الجميع ولأن الأمر يتعلق بالجميع دون استثناء كبار وصغار نساء ورجال، قمنا بتوجيه أهالي الحي ولفت نظرهم إلى أمور كثيرة منها إحكام إغلاق الباب الرئيسي ليلاً وتشكيل لجان يومية ليلية مناوبة.. كما أنه يجب على كل لجان الأبنية تحديد قاطن واحد من كل برجية للمناوبة مع لجنة حي السكن، بالإضافة إلى التبليغ عن أي مشاهدة غير طبيعية، وضبط الأولاد في منازلهم بعد الظهيرة، والتقيد بتعليمات الأمن العام”.
وأضاف المختار: “نحن نحاول بشتى الطرق رفع مستوى الوعي للحفاظ على أنفسنا وبيوتنا بهذا الظرف الدقيق، وهذا من الناحية الأمنية.. دعونا سابقاً لمبادرة أهلية بالسكن الشبابي لتنظيف الأوساخ وتجميع القمامة من ساحات وطرق وحول البرجيات، وقد أشرف عليها رؤساء لجان الأبنية وتم تقديم الأدوات والأكياس اللازمة وقمنا بتجميعها وترحيلها من خلال حملة التنظيف الشاملة الأهلية في محافظة طرطوس، كما تم تركيب إنارة للطاقة الشمسية ليلاً بجهود لجان الحي”.
تثبت مبادرات أهالي طرطوس أن التكاتف المجتمعي والإرادة الصادقة قادران على تجاوز أصعب التحديات وبناء مستقبل مشرق، فمن خلال هذه الجهود المحلية، تظهر المحافظة نموذجاً يُحتذى به في التعاون والعمل المشترك للنهوض بالواقع الخدمي والاجتماعي. وما تزال طرطوس وأبناؤها يواصلون المسيرة بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر إشراقاً يعكس روح العزيمة والأمل في سوريا الحرة.