جسر – هبة الشوباش
بعد أشهر من التوقف الذي ألقى بظلاله على مختلف جوانب الحياة اليومية في سوريا، عادت مصفاة بانياس إلى العمل من جديد، حاملة معها بارقة أمل في ظل أزمة طاقة خانقة تعاني منها البلاد، ويشكّل هذا الحدث تطوراً لافتاً في مسار القطاع النفطي السوري، الذي لطالما كان أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ويأتي في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بتأمين المشتقات النفطية للسوق المحلية.
تأسست مصفاة بانياس، الواقعة شمال مدينة بانياس على الساحل السوري، بموجب العقد رقم 20 لعام 1974، وبدأ العمل على إنشائها في عام 1975، وتم تشغيلها بشكل كامل في عام 1982، وكانت تُعتبر واحدة من أهم المنشآت النفطية في سوريا، حيث كانت تُنتج حوالي 130,000 برميل يومياً، مما يجعلها أكبر من مصفاة حمص التي تُنتج 110,000 برميل يومياً.
وكانت المصفاة تلعب دوراً حيوياً في تلبية احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية مثل المازوت، الوقود، الغاز، والأسفلت، كما كانت تُساهم في دعم الاقتصاد السوري من خلال توفير المنتجات النفطية للمحافظات المختلفة عبر شبكة نقل متطورة.
وتوقفت مصفاة بانياس عن العمل لمدة أربعة أشهر بسبب نقص توريدات النفط الخام، حيث كانت تعتمد بشكل كبير على واردات النفط الإيراني التي توقفت بعد سقوط النظام السابق، وأدى هذا النقص إلى توقف الإنتاج، مما أثر على تلبية احتياجات السوق المحلية.
وتم استئناف العمل في مصفاة بانياس اليوم، وقد أعلن وزير الطاقة السوري، المهندس محمد البشير، أن الكميات التي وصلت إلى المصفاة كافية لبدء الإنتاج وفق الخطط المقررة، كما أُجريت أعمال صيانة خلال فترة التوقف لتحسين كفاءة المصفاة وضمان استمرارية عملها.
يُذكر أن المصفاة تنتج يومياً حوالي 95 ألف برميل من المشتقات النفطية، مما يساهم في تلبية احتياجات السوق المحلية.
إعادة تشغيل مصفاة بانياس لها تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد المحلي، حيث تساهم في توفير المشتقات النفطية الأساسية مثل البنزين والديزل، مما يساعد على تقليل الضغط على السوق المحلية وتحسين استقرار الأسعار، وتعزيز فرص العمل من خلال تشغيل المصفاة بكامل طاقتها، مما يوفر وظائف مباشرة وغير مباشرة في قطاع الطاقة والخدمات المرتبطة به، كما ستسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يخفف العبء المالي على الدولة ويعزز الاستقلالية الاقتصادية.
ويرى الخبراء أن سوريا تتمتع بإمكانات واعدة لتطوير الطاقة المتجددة، خاصةً في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فالبلاد تتميز بمعدل إشعاع شمسي مرتفع، حيث تسجل مناطق مثل تدمر أكثر من 300 يوم مشمس سنوياً، مما يجعلها مثالية لإنشاء محطات شمسية واسعة النطاق.
بالإضافة إلى ذلك، توفر مناطق مثل السخنة ظروفاً مناسبة لتطوير طاقة الرياح، حيث تتراوح سرعة الرياح بين 5 و8.
إن عودة مصفاة بانياس إلى العمل تمثل خطوة مهمة نحو استعادة التوازن في سوق الطاقة السوري، وتؤشر إلى بداية مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي في قطاع المشتقات النفطية.