جسر – متابعات
أصدرت نقابة الفنانين السوريين بياناً رسمياً عبّرت فيه عن موقفها من الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد، مؤكدةً أن العدالة الانتقالية تمثل مدخلاً أساسياً نحو تحقيق السلم الأهلي، وجبر ضرر الضحايا، وبناء دولة المواطنة والقانون.
وفي بيان حمل نبرة حاسمة ومناشدة إنسانية، شدّدت النقابة على أن السوريين، وبعد سنوات من القمع الممنهج، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، واستمرار إفلات الجناة من العقاب، باتوا بحاجة ماسة إلى دولة عدالة حقيقية، تستند إلى القانون وتضمن الحقوق دون استثناء.
وأكد البيان أن العدالة الانتقالية ليست خياراً سياسياً يمكن تجاهله، بل هي حجر الأساس لبناء الدولة والمجتمع على أسس سليمة. واعتبر أن تأجيل إطلاق مسار العدالة الانتقالية يحمل تبعات خطيرة على استقرار البلاد، ويهدد بإعادة إنتاج العنف وعدم الثقة، في ظل استمرار انعدام المساءلة.
ودعت النقابة إلى تشكيل هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية، تتمتع بالشفافية، وتضم خبراء حقوقيين مشهود لهم بالكفاءة والاستقلالية، تكون قادرة على إدارة هذا المسار الحساس بعيداً عن أي نزعات انتقامية أو تسويات سطحية.
وشدّد البيان على ضرورة الفصل بين الجناة وبيئاتهم الاجتماعية، حيث جاء فيه: “نؤكد أن المجرم لا يمثل سوى نفسه، ولا يجوز بأي حال أن تتحمل عائلته أو بيئته المحلية تبعات أفعاله، بما يتناسب مع أحكام القانون وروح العدالة”.
وباعتبارها جهة تمثل فنانين ومبدعين، عبّرت النقابة عن التزامها بالمشاركة في عملية العدالة الانتقالية، من خلال توثيق الذاكرة الجمعية للمتضررين، وتثبيت روايات الضحايا، بما يضمن عدم ضياع الحقيقة ويمنع تكرار المأساة.
وأضاف البيان أن الفن لا يمكن أن يكون صامتاً في وجه الظلم، بل له دور أساسي في رأب الصدع، وتعزيز روح الانتماء، وترسيخ السلم الأهلي. وأكدت النقابة استعدادها الكامل لدعم جميع المسارات الرامية إلى الوصول إلى دولة عصرية، ديمقراطية، وعادلة.
وفي ختام البيان، طالبت نقابة الفنانين الحكومة السورية بـاتخاذ خطوات جادة وعاجلة لإطلاق مسار العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أن هذا المسار لا يُعد ترفاً قانونياً بل ضرورة وجودية لبقاء الدولة واستقرار المجتمع.
وختم البيان بالقول: “العدالة ليست فقط حقاً للضحايا، بل هي الضمانة الوحيدة لتأسيس دولة تحترم الإنسان، وتصون كرامته، وتضمن مستقبل أجياله.”
ويأتي هذا البيان في وقت تتصاعد فيه المطالب الشعبية والحقوقية بإطلاق مسار وطني جامع للمصالحة والمساءلة، يضع حداً لسنوات من الانقسام والمعاناة، ويعيد الثقة بين المواطن والدولة.