جسر – متابعات
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن سيناريو متقدم يجري تداوله في الأروقة السياسية، يتضمن ترتيبات لتقاسم النفوذ في سوريا، في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري، ضمن خطة أوسع تنسقها الولايات المتحدة، وتشارك فيها عدة أطراف إقليمية ودولية، أبرزها روسيا، تركيا، إسرائيل، والولايات المتحدة نفسها.
بحسب ما نقلته الصحيفة، فإن الخطة المطروحة تقوم على توزيع السيطرة في الأراضي السورية وفق موازين القوى الحالية والمصالح الاستراتيجية لكل طرف.
وتشمل هذه الخريطة المحتملة:
– الساحل السوري: تحت سيطرة روسية، نظراً لوجود قاعدة طرطوس البحرية واهتمام موسكو الاستراتيجي بالوصول إلى المياه الدافئة.
– الشمال السوري: تسيطر عليه تركيا، التي سبق وأنشأت مناطق نفوذ عبر عمليات “درع الفرات”، “غصن الزيتون”، و”نبع السلام”، وتسعى لتوسيع وجودها العسكري والسياسي هناك.
– الجنوب السوري: تطمح إسرائيل لتأمينه عبر تنسيق أمني يضمن منع تمركز قوات موالية لإيران أو حلفائها، وخاصة في المناطق القريبة من الجولان المحتل.
– الشرق السوري: من المتوقع أن يبقى تحت سيطرة أمريكية مباشرة أو عبر حلفائها في قوات سوريا الديمقراطية، نظراً لغناه بالنفط والغاز.
أما بقية المناطق الخارجة عن سيطرة هذه القوى، فتُدار مؤقتاً من قبل ما يُعرف بـ”النظام المؤقت”، بانتظار بلورة حكومة سورية موحدة ومستقرة، وهو سيناريو لا يتوقع حدوثه في القريب العاجل، بحسب الصحيفة.
ورغم التوترات المتكررة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا، أشارت الصحيفة إلى أن الجانبين يمتلكان القدرة على التواصل الدبلوماسي، بعكس العلاقة الإسرائيلية مع إيران، فتركيا ما زالت عضواً فاعلاً في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وشريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة، ما يمنحها ثقلاً في أي ترتيبات مستقبلية في المنطقة.
كما أن قنوات الاتصال الاستخباري والاقتصادي بين إسرائيل وتركيا لم تنقطع كلياً، رغم التصريحات المتبادلة والخلافات حول ملفات مثل القضية الفلسطينية، والدور التركي المتزايد في الإقليم.
وأحد أكبر الهواجس التي عبّرت عنها الدوائر الأمنية الإسرائيلية، وفقاً للصحيفة، يتمثل في إمكانية تحوّل القوات السورية المعارضة، والتي تحظى بدعم تركي، إلى ما يشبه “جيشاً سنياً موالياً لأنقرة”، ينتشر في مناطق الجنوب السوري المتاخمة للحدود مع الجولان. وترى إسرائيل أن هذا السيناريو قد يُعيد تشكيل التهديد على حدودها، على غرار ما تمثله حركة “حماس” في قطاع غزة، أو “حزب الله” في جنوب لبنان.
وعاد التوتر بين أنقرة وتل أبيب إلى الواجهة مؤخراً، بعد تسريبات عن نية تركيا بناء قواعد عسكرية دائمة في سوريا، وتعتبر إسرائيل هذا التحرك بمثابة تهديد مباشر لأمنها القومي، ما دفعها لتكثيف ضرباتها الجوية ضد مواقع في سوريا، في حين ترى بعض التحليلات أن جزءاً من هذه الضربات يندرج ضمن رسائل تحذيرية لأنقرة أيضاً.